للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذهب بعض النحاة إلى أنها تفيد الإتحاد في الوقت (١). فيكون معنى قولنا: (جاء الرجال أجمعون) جاءوا مجتمعين.

والحق أنها لا تفيده، قال تعالى: {ولأغوينهم أجمعين} [الحجر: ٣٩] (٢). ومعناها (كلهم) وليس معناها (مجتمعين) وقال: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} [البقرة: ١٦١]، ومعناها (كلهم) وليس معناها مجتمعين.

قال ابن يعيش: " واعلم أنه قد ذهب قوم إلى أن في (أجمع) فائدة ليست في (كل) وذلك إنك إذا قلت (جاءني القوم كلهم)، جاز ان يجيئوك مجتمعين، ومفترقين، فإذا قلت (أجمعون) صارت حال القوم الإجتماع لا غير، وذلك ليس بسديد، والصواب أن معناها واحد من قبل أن أصل التأكيد، أعاده اللفظ وتكراره، وإنما كرهوا تواليهما بلفظ واحد، فأبدلوا من الثاني لفظًا يدل على معناه، فجاءوا بـ (كل) و (أجمع) ليدلوا بهما على معنى الأول، ولو كان في الثاني زيادة فائدة، لم يكن تأكيدًا، لأن التأكيد تمكين معنى المؤكد .. مع هذا لو أريد معنى الإجتماع لوجب نصبه، لأنه يكون حالا لأن التقدير فعل ذلك في هذه الحال" (٣).

وظاهر أن (أجمع) لا يفارقها معنى الإحاطة البتة، ولا تفيد غيره، أما إذا احتمل الكلام الاتحاد في الوقت، إضافة إلى الإحاطة كما في قوله تعالى: {وأتوتي بأهلكم أجمعين} [يوسف: ٩٣]، وقوله: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} [الحجر: ١٥]، فهذا لا يستفاد من (أجمع) بل أن الكلام يحتمله، ولو لم تذكر (أجمع)، ألا ترى أنه يجوز أن يكون هذا الإحتمال مع (كل) أيضًا؟

فإذا قلت (جاء أفراد الإسرة كلهم) أحتمل أن يكونوا جاؤا مجتمعين، وأحتمل غير


(١) انظر شرح الأشموني ٣/ ٧٧
(٢) انظر شرح الأشموني ٣/ ٧٧
(٣) شرح ابن يعيش ٣/ ٤١، وانظر شرح الرضي على الكافية ١/ ٣٦٩

<<  <  ج: ص:  >  >>