للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلزم النون الفعل إذا كان جوابا لقسم مثبتا مستقبلا، غير مفصول عن لامه بفاصل (١). نحو (والله لأسعين في الخير) قال تعالى: {فوربك لنحشرنهم} [مريم: ٦٨].

وذكر الخليل أن الثقيلة آكد من الخفيفة جاء في (الكتاب): " وزعم الخليل أنهما توكيد كما التي تكون فصلا، فإذا جئت بالخفيفة فأنت مؤكد، وإذا جئت بالثقيلة فأنت اشد توكيدًا" (٢). وذلك لأن تكرير النون بمنزلة تكرير التأكيد (٣). وقد اجتمعتا في قوله تعالى: {ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين} [يوسف: ٣٢]، فجاء بالثقيلة في قوله: {ليسجنن} [يوسف: ٣٢]، وبالخفيفة، في قوله: {وليكونا من الصاغرين} [يوسف: ٣٢]، قالوا لأن " امرأة العزيز كانت أشد حرصا على سجنه من كونه صاغرا (٤). فأكدت السجن لذلك بالثقيلة بخلاف الصغار.

ونون التوكيد تخلص الفعل للاستقبال فلا تدخل على فعل للحال قال تعالى: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين} [الفتح: ٢٧]، فإذا كان الفعل للحال، لم تدخل عليه النون نحو (والله لأحسبك كاذبا).

جاء في (الكتاب): " وإن كان الفعل قد وقع وحلفت عليه لم تزد على اللام وذلك قولك والله لفعلت .. فالنون لا تدخل على فعل قد وقع وإنما تدخل على غير الواجب (٥).

وجاء في (شرح ابن يعيش): " اعلم أن هاتين النونين الشديدة والخفيفة، من حروف المعاني، والمراد بهما التأكيد، ولا تدخلان إلا على الأفعال المستقبلة خاصة، وتؤثران فيها تأثيرن: تأثيرا في لفظها وتأثيرا في معناها، فتأثير اللفظ اخراج الفعل إلى البناء،


(١) شرح الأشموني ٣/ ٢١٥، التصريح ٢/ ٢٠٣، شرح ابن الناظم ٢٥٢
(٢) كتاب سيبويه ٢/ ١٤٩، وانظر شرح الأشموني ٣/ ٢١٢
(٣) شرح ابن يعيش ٩/ ٣٧
(٤) حاشية الصبان ٣/ ٢١٢ ـ وانظر التصريح ٢/ ٢٠٣
(٥) كتاب سيبويه ١/ ٤٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>