للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن كانت الجملة منفية، امتنعت النون، قال تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [النحل: ٣٨]، وقال: {فلا وربك لا يؤمنون} [النساء: ٦٥].

وإن كان الفعل للحال، امتنعت النون أيضا، وذلك لأن نون التوكيد تخلص الفعل للاستقبال، فلا تدخل على ما كان للحال، تقول: (والله لأذهب إليه الآن)، وتقول: (لعمرك لأحسبه صادقا) فتكتفي باللام وتمتنع النون (١). ومن هنا فرقوا بين قولهم: (إن محمدًا ليضربن خالدا) و (أن محمدا ليضرب خالدا) فقالوا إن ما فيه نون التوكيد مخصوص بالاستقبال، وما فيه اللام وحده ليس كذلك، بل ذهب أكثرهم إلى أنه مخصوص بالحال، لأن لام الابتداء تخلص الفعل المضارع للحال عند الأكثرين (٢).

وقد بحثنا هذا في باب (إن وأخواتها) ورجحنا أنها لا تخلص المضارع للحال، بل قد تفيده، وتفيد الاستقبال، قال تعالى: {وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة} [النحل: ١٢٤]، وعلى هذا. فالتعبير بالنون مخصوص بالاستقبال، والتعبير باللام يحتمل الحال والاستقبال، وهو للحال برجحان، إلا إذا دل على غير ذلك دليل.

جاء في (شرح ابن يعيش): "فإذا قلت: (إن زيدًا ليضربن عمرا) كان تقديره: إن زيدًا والله ليضربن عمرا، فاللام واقعة موقعها لأنها جواب للقسم فهي بعده، وإذا قلت: (إن زيدًا ليضرب عمرا) فهذه اللام تقديرها أن تكون داخلة على (أن) فبين هذه اللام واللام التي معها النون فصل من وجهين:

أحدهما أن اللام التي معها النون لا تكون إلا للمستقبل، والتي ليس معها النون تكون للحال وقد يجوز أن يراد بها المستقبل.

والوجه الآخر أن المفعول به لا يجوز تقديمه على الفعل الذي فيه النون، ويجوز تقديمه على الذي لا نون فيه (٣).


(١) شرح الرضي ٢/ ٣٧٦
(٢) انظر المغنى ١/ ٢٢٨
(٣) شرح ابن يعيش ٩/ ٩٦، وانظر كتاب سيبويه ١/ ٤٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>