للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (دلائل الإعجاز) في قول أبي النجم:

قد أصبحت أم الخيار تدعى ... علي ذنبا كله لم أصنع

برفع كل " أنه أراد أنها تدعى عليه ذنبا لم يصنع منه شيئا البتة، لا قليلا ولا كثيرا، ولا بعضا ولا كلا، والنصب يمنع من هذا المعنى، ويقتضي أن يكون قد أتى من الذنب الذي أدعته بعضه وذلك أنا إذا تأملنا وجدنا أعمال الفعل في (كل) والفعل منفي لا يصلح أن يكون إلا حيث أن يراد أن بعضا كان، وبعضا لم يكن، تقول: ((لم ألق كل القوم))، و (لم آخذ كل الدراهم) فيكون المعنى: أنك لقيت بعضا من القوم، ولم تقل الجميع، وأخذت بعضا من الدراهم وتركت الباقي، ولا يكون أن تريد أنك لم تلق واحدًا من القوم، ولم تأخذ شيئا من الدراهم. .

وإذ قد بان لك من حال النصب أنه يقتضي أن يكون المعنى، على أنه قد صنع من الذنب بعضا، وترك بعضا، فاعلم أن الرفع على خلاف ذلك، وأنه يقتضي نفي أن يكون قد صنع منه شيئا، وأتي منه قليلا أو كثيرا، وإنك إذا قلت: (كلهم لا يأتيك)، و (كل ذلك لا يكون) و (كل هذا لا يحسن) كنت نفيت أن يأتيه واحدٌ منهم، وأبيت أن يكون أو يحسن شيء مما أشرت إليه" (١).

وقيل: وقد يشكل على الشق الأول من هذا القول نحو قوله تعالى: {إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: ١٨]، وقوله: {والله لا يحب كل كفار أثيم} [البقرة: ٢٧٦]، إذ يقتضي ذلك أن يحب الله بعض هؤلاء.

وأجيب " أن دلالة المفهوم إنما يعول عليها عند عدم المعارض، وهو ههنا موجود إذ دل الدليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا" (٢).، وتحريم الكفر والإثم


(١) دلائل الإعجاز ٢١٥ - ٢١٥
(٢) المغنى ١/ ٢٠٠ - ٢٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>