للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون} [النساء: ٨١]، فقال (غير الذي تقول) ثم قال (والله يكتب ما يبتون) فجاء في أحد الموضعين بـ (الذي) والآخر بـ (ما) وذلك أن أحد الموضعين أعرف من الآخر فالذي يقوله أعرف مما يبتون لأن الأول معلوم عند المخاطب متفق عليه بخلاف ما يبيتون فإنه مجهول عنده إذ هو لا يدري ماذا يبتون فجاء للأخص المعلوم بالذي والآخر بما.

وقال: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة: ٢٢٨].

وقال: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا} [البقرة: ٢٢٩].

فجاء في الآية الأولى بالذي والثانية بـ (ما) لأن الأولى في حقوق النساء وواجباتهن، وهي معلومة والثانية في المهر وهو غير محدد، ولا معلوم، فجاء للمحدد المعلوم بـ (الذي) ولما هو عام بـ (ما).

وقال: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: ٩٧] وقال:

{والذين أمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون} [العنكبوت: ٧].

فقد قال في آية النحل (بأحسن ما كانوا يعملون) وقال في آية العنكبوت (أحسن الذي كانوا يعملون) وكل منهما هو المناسب لموطنه.

وذلك أن قوله (من عمل) عام لأن (مَنْ) شرطية وهي نكرة، فتشمل كل عامل وفسره بقوله: (من ذكر أو أنثى) وهو نكرة، ثم نكر العمل فقال (من عمل صالحا) فجعله عامًا أيضا ولذا جعل الجزاء عامًا فجاء بـ (ما) وقال (بأحسن ما كانوا يعملون).

وأما آية العنكبوت فقد جاءت بـ (الذي) لا بـ (من) وهو اسم موصول معرفة، ثم عرف العمل الصالح فقال (وعملوا الصالحات) ولذا جعل الجزاء مخصصًا، فجاء بالذي

<<  <  ج: ص:  >  >>