للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} [الأنعام: ١٢٣]، وقال: {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا} [هود: ٢٧]، فطابق، وقد يقصد بذلك التفضيل وقد يقصد به الأشخاص الموصوفون بهذه الصفات، أي الذوات بمعنى هذا الصنف من الناس، وقد يكون المقصود به الزيادة في الوصف. فإنك قد تقول مثلا (هذا أحسن العراق) ولا تقصد به التفضيل على العراق، وإنما تقصد هذا هو الأحس الذي في العراق أو الأحسن العائد إلى العراق، فإن قصدت نحو هذا المعنى وجبت المطابقة لأنك لم تقصد به المفاضلة، فتقول: (هؤلاء أحاسن العراق) أي الأحاسن العائدون إلى العراق. فالإفراد يدل على التفضيل نصا وأما المطابقة فهي تحتمل التفضيل وعدمه.

جاء في (شرح الأشموني): " وما لمعرفة أضيف ذو وجهين منقولين عن ذي معرفة هما المطابقة وعدمها، هذا إذا نويت بـ (أفعل) معنى (من) أي التفضيل على ما أضيف إليه وحده .. وإن لم تنو بأفعل معنى (من) بأن لم تنويه المفاضلة أصلا، أو تنويها لا على المضاف إليه وحده، بل عليه وعلى كل ما سواه، فهو طبق ما به قرن وجها واحدا كقولهم (الناقص والأشج أعدلا بني مروان) أي عادلاهم، ونحو: (محمد صلى الله عليه وسلم أفضل قريش) أي أفضل الناس من بني قريش، وإضافة هذين النوعين لمجرد التخصيص، ولذلك جازت إضافة (أفعل) فيهما إلى ما ليس هو بعضه، بخلاف المنوي فيه معنى (من) فإنه لا يكون إلا بعض ما أضيف إليه، فلذلك يجوز (يوسف أحسن إخوته) أن قصد الأحسن من بينهم أو قصد حسنهم، ويمتنع إن قصد أحسن منهم" (١).

ولا يضاف (أفعل) إذا قصد به التفضيل إلى شيء إلا وهو بعضه، كقولك: (خالد أفضل الرجال) فإن خالدًا رجل ولا يصح أن نقول (خالد أفضل النساء)، وتقول: (أبو بكر أفضل بني تميم) أي هو منهم، ولا يصح أن تقول (أبو بكر أفضل بني مخزوم) لأنه ليس منهم بل يجب أن تقول بـ (من) إذا أردت ذلك فتقول: (أبو بكر أفضل من بني مخزوم) و (فاطمة أفضل من كثير من الرجال)، فإن التفضيل بـ (من) لا يشترط أن يكون المفضل من جنس المفضل عليه.


(١) شرح الأشموني ٣/ ٤٨ - ٤٩، وانظر التصريح ٢/ ١٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>