للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجره إليه من دون سؤال، أو استفهام فحذف (يا) النداء تمشيا مع هذا الحذف والاختصار.

وأما في سورة طه، فالسياق سياق إطالة وسؤال، وأخذ ورد، ولوم، فجاء بـ (يا) وكأن هارون في الآية الأولى أراد الإسراع في تبيين الأمر لموسى، إذ لا مجال للإطالة وقد أخذ موسى برأسه يجره إليه، فحذف (يا) حتى أن القرآن لم يذكر هنا قول هارون (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) تمشيا مع الإيجاز في الكلام، وهو المناسب لموقف العجلة التي اتسم بها السياق.

وأما في آيات طه فالسياق سياق إطالة وتبسط في الكلام، فقد جاء موسى غضبان آسفا وسأل قومه موبخا لهم على فعلتهم قائلا: يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا.

فأجابوه قائلين: (ما اخلفنا موعدك بملكنا، ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقدفناها .. )

ثم ذكر موقف هارون منهم، فقال: (ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به .. وجواب قومه له: (قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى). ثم توجه بالسؤال واللوم إلى هارون: (قال يا هارون ما منعك إذ رايتهم ضلوا ألا تتبعن؟ .. ) فأجابه هارون موضحا له الأمر: (قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي .. ) فجاء بـ (يا) متوددًا محاولا كسر حدة غضبه.

فحذف (يا) من آية الأعراف هو المناسب لسياق الإيجاز والعجلة، وذكرها في سورة طه، هو المناسب لسياق التبسط في الكلام والإيضاح والتبيين.

ومن الحذف للإختصار قوله تعالى: {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك} [يوسف: ٢٩]، فقد أرادوا ستر المسألة والكف عن الخوض فيها، فقالوا ذلك بأخصر طريق، حتى أنهم لم يذكروا حرف النداء، فحذف حرف النداء، تمشيا مع هذا الاختصار والتستر.

٤

<<  <  ج: ص:  >  >>