وقال في سورة الحشر:{سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم ما نعتم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار}[الحشر: ١ - ٢] فأنت ترى أنه في آيات الحديد لم يعقب التسبيح بالكلام على أهل الأرض بخلاف آية الحشر فقد قال بعدها {هو الذي أخرج الذين كفروا .. } ويستمر في ذكر أحوالهم.
وبذلك على ذلك أنه في آخر سورة الحشر لم يكرر (ما) حين لم يذكر شيئا عن أهل الأرض بعد الآية فقد قال: {هو الله الخالق الباريء المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}[الحشر: ٢٤]، فكرر في أول السورة وأجمل في آخرها لما ذكرناه والله أعلم ونحوه ما جاء في سورة الصف قال تعالى:{سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ذلك بأنهم شاقوا االله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب}[الحشر: ١ - ٤]، ويمضى في الكلام على أهل الأرض، فكرر (ما) لأنه خص أهل الأرض بعدها بالذكر.
ونحوه قوله تعالى:{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لقي ضلال مبين وآخرين منهم لما يحلقوا بهم وهو العزيز الحكيم}[الجمعة: ١ - ٣]، ويمضى في الكلام على أهل الأرض ونحوه قوله تعالى:{يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد هو على كل شيء قدير هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير}[التغابن: ١ - ٢]، ويمضى في الكلام على أهل الأرض.