للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرق بين هاتين الصورتين - أعني الجملة التي مسندها فعل والجملة التي مسندها اسم - أن الجملة التي مسندها فعل، إنما يدل على الثبوت. تقول مثلا: يجتهد زيد وزيد مجتهد، ويحفظ زيد وزيد حافظ، ويطلع سعيد وسعيد مطلع، ويتعلم سعيد وسعيد متعلم، ويجود مصعب ومصعب جواد ونحو ذلك. فأنت ترى في هذه الأمثلة جميعها أن الفعل يدل على التجدد والحدوث، والاسم يدل على الثبوت. تقول لصديقك: أتظن أنك تنجح في هذا العام؟ فيقول لك (أنا ناجح) أي لوثوقه بنفسه ادعى أن الأمر منته وثابت، ولو لم يكن هذا الأمر قد تم فعلا. فالفعل يدل على التجدد والحدوث، والاسم يدل على الثبوت، فإذا أردت الدلالة على الحدوث جئت بجملة مسندها فعل تقدم الفعل أو تأخر. وإذا أردت الدلالة على الثبوت جئت بجملة مسندها اسم.

فالجملتان يجتهد سعيد وسعيد يجتهد كلتاهما تدلان على الحدوث (١)، وإنما قدم المسند إليه لغرض من أغراض التقديم.

ثم إن الأصل أن يتقدم الفعل على المسند إليه - كما ذكرنا - فإذا جاء الفعل متقدما لم يسأل عن سبب تقدمه، لأنه هو الصورة الأساسية، فإن تقدم المسند إليه سألنا عن سبب تقدمه.

وإذا جاء المسند إليه في الجملة التي مسندها إسم متقدما، لم نسأل عن سبب تقدمه لأنه هو الصورة الأساسية لهذا التعبير، فإن تقدم المسند سألنا عن سبب تقدمه، فالتأليف الطبيعي للجملة العربية هو نحو هذا.

يقبل سعيد.

سعيد مقبل.

فإن تقدم سعيد في الجملة الأولى، أو تقدم مقبل في الجملة الثانية نظرنا في سبب ذلك


(١) انظر: حاشية يس على التصريح (١/ ١٧٣)، حاشية الصبان (١/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>