للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن يعيش: "وأما قولهم: (أنت أنت)، فظاهر اللفظ فاسد، لأنه قد أخبر بما هو معلوم، وأنه قد اتحد الخبر والمخبر عنه لفظًا، ومعنى، وحكم الخبر أن يكون فيه من الفائدة ما ليس في المبتدأ. وإنما جاز ههنا، لأن المراد من التكرير بقوله (أنت أنت) أي أنت على ما عرفته من الوتيرة، والمنزلة لم تتغير. ومعنى تكرير الاسم بمنزلة أنت على ما عرفته. وهذا معنى يتضمن ما ليس في الجزء الأول، وعليه قول أبي النجم:

أنا أبو النجم وشعري شعري

معناه وشعري، شعري المعروف الموصوف كما بلغت وعرفت وهذا قياس الباب" (١).

وجاء في (شرح الرضي على الكافية): " الذي لا يغاير المبتدأ لفظًا يذكر للدلالة على الشهرة أو عدم التغير كقوله:

أنا أبو النجم وشعري شعري

أي هو المشهور المعروف بنفسه، لا بشيء آخر كما يقال مثلا: شعري مليح، وتقول: (أنا أنا) أي ما تغيرت عما كنت قال:

رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ... فقلت وانكرت الوجوه هم هم" (٢).

وجاء في (المثل السائر) في قول أبي تمام:

لا أنت أنت ولا الديار ديار ... خف الهوى وتولت الأوطار

" فقوله (لا أنت أنت ولا الديار ديار) من المليح النادر في هذا الموضع، لأنه هو هو والديار ديار، وإنما البواعث التي كانت تبعث على قضاء الأوطار زالت، فبقي ذلك الرجل وليس هو هو على الحقيقة، ولا الديار في عينه من الحسن تلك الديار، وعلى هذا ورد قول أبي الطيب المتنبي:


(١) ابن يعيش ١/ ٩٨ - ٩٩
(٢) الرضي على الكافية ١/ ١٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>