للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل أيضًا على أنه على الفعل نُصب، أنك لم تذكر شيئًا من هذه المصادر لتبني عليه كلامًا، كما يبني على عبد الله إذا ابتدأته، وأنك لم تجعله مبنيًا على اسم مضمر في نيتك، ولكنه على دعائك له أو عليه ..

وقد رفعت الشعراء بعض هذا، فجعلوه مبتدأ وجعلوا ما بعده مبنيًا عليه قال أبو زبيد:

أقام وأقوى ذات يوم وخيبة ... لأول من يلقى وشر ميسر

ومثله قول الشاعر:

أهاجيتم حسان عند ذكائه ... فعيٌّ لأولادل الحِماس طويل

وفيه المعنى الذي يكون في المنصوب، كما إنّ قولك: (رحمة الله عليه) فيه معنى الدعاء كأنه قال: رحمه الله ..

من ذلك قولك حمدا وشكرًا لا كفرًا وعجبًا ..

فإنما ينتصب هذا على إضمار الفعل كأنك قلت: أحمد الله حمدًا .. وإنما أختزل الفعل ههنا لأنهم جعلوا هذا بدلا من اللفظ بالفعل .. وقد جاء بعض هذا رفعًا يبتدأ ثم يبني عليه ..

واعلم إن (الحمد لله) وأن ابتدأته، ففيه معنى المنصوب وهو بدل من اللفظ بقولك: أحمد لله" (١).

والفرق بين الجملة الإسمية والفعلية، هو أنّ الفعلية تدل على الحدوث والتجدد والإسمية، تدل على الثبوت - كما ذكرنا - وإيضاح ذلك إن الفعل يدل على حدث مقرون بزمن، فإذا كان الفعل ماضيًا فقد انقضى تقول (حمدت الله) أي في الماضي، وإذا كان مضارعًا، فهو يدل على الحال، أو الاستقبال، تقول (أحمد الله) أي في الحال، أو في الاستقبال، وإما الاسم فهو غير متخصص بزمن، وإنما هو عام ثابت تقول (الحمد لله)


(١) سيبويه ١/ ١٥٦ - ١٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>