للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقدر كائنة. ومثله (الحمد لله) فإنه لا يحسن تقدير استقر بل الأولى أن يقدر (كائن).

وإذا قلنا (السفر غدًا) صح فيه تقدير (يكون) وهو الأولى، أو (كائن) إذا نويت ثبوته أي كأن هذا أمر منته ومفروغ منه كقوله تعالى: {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرًا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} [ص: ٧١ - ٧٢]، فجاء باسم الفاعل الدال على الثبوت (خالق) في المستقبل.

ويرى الكوفيون أن الخبر إذا كان عين الأول، ارتفع نحو (زيد قائم)، وإذا كان مخالفا له انتصب على الخلاف نحو (زيد أمامك) فزيد هو غير الإمام فالإمام جهة وزيد شخص جاء في (همع الهوامع) ذاكرًا رأي الكوفيين: "وإذا قلت: (زيد أخوك)، فالأخ هو زيد أو (زيد خلفك) فالخلف ليس بزيد فمخالفته له عملت النصب" (١)، ولا يحتاج عندهم إلى تقدير شيء" (٢).

ولسائل أن يسأل: ولم التقدير؟ أليس المعنى مفهومًا؟ أليس الأولى أن نأخذ برأي الكوفيين في عدم التعليق؟ وهل من الضروري أنه حين نقول: زيد في الدار أن نقدر كائن في الدار؟ أليس الكلام مفهومًا من غير ذلك؟

وهذا أمر يحتاج إلى شرح وتوضيح.

وإذا قلت (زيد في الدار) فماذا يفهم من هذا الكلام؟ أيفهم أنه قائم في الدار أو جالس أو نائم أم يفهم مجرد الوجود في الدار بلا تخصيص لحالة؟ لا شك أن السامع يفهم مجرد الوجود فإذا أردت أمرًا بعينه فلابد أن تذكر المتعلق، ولا يجوز أن تحذفه إلا لقرينة فتقول: زيد جالس في الدار أو عامل في الدار أو نائم ونحو ذلك. فإذا قلت (زيد في الدار) قصدت الوجود المطلق فيه ولولا هذا التقدير لم يصح الكلام، وإلا فما معنى زيد في الدار؟


(١) الهمع ١/ ٩٨، وانظر التصريح ١/ ١٦٦، الانصاف في مسائل الخلاف - المسألة ٢٩، الرضي على الكافية ١/ ٩٨
(٢) مغني اللبيب ٢/ ٤٣٣، الرضي على الكافية ١/ ٩٨، التصريح ١/ ١٦٦

<<  <  ج: ص:  >  >>