للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلت: الليلة الهلال، واليوم القتال نصب، والتقدير والتأخير في ذلك سواء وإن شئت رفعت فجعلت الآخر الأول". (١)

تقول: خلفَ زيد سعيدٌ، وتقول: خلفُ زيد قبيح، والفرق واضح بين الجملتين في المعنى. وتقول (أسفل الجبل محمد)، وتقول: (أسفلُ الجبل وعر)، فالجملة الأولى على نية الوجود، وليس الثانية كذلك.

وكذلك تقول: (السفر غدًا) أي ثابت، أو كائن، ولا يصح أن ترفع غدًا، فتقول (السفر غدٌ)، لأن السفر ليس هو الغد، أي ليس هو اليوم، فالسفر حدث وغد هو زمن والسفر، إنما يكون في الزمن ويحصل فيه "فإن استغرق ذلك المعنى جميع الزمان، أو أكثره وكان الزمان نكرة رفع غالبا نحو: الصوم يوم، والسير شهر، إذا كان السير في أكثره، لأنه باستغراقه ايامه كأنه هو، ولا سيما مع التنكير المناسب للخبرية، ويجوز نصب هذا الزمان المنكر وجره بفي نحو: الصوم في يوم أو يومًا .. وإن كان الزمان معرفة نحو: الصوم يوم الجمعة لم يكن الرفع غالبا كما في الأول عند البصريين وأوجب الكوفيون النصب .. فإن وقع الفعل لا في أكثر الزمان سواء كان الزمان معرفا، أو منكرا فالأغلب نصبه أو جره بقي اتفاقا بين الفريقين نحو: الخروج يومًا أو في يوم والسير يوم الجمعة، أو في يوم الجمعة، وأما قوله تعالى: {الحج أشهرٌ معلوماتٌ} [البقرة: ١٩٧]، فلتأكيد أمر الحج دعاء الناس إلى الاستعداد له حتى كأن أفعال الحج مستغرقة لجميع الأشهر الثلاثة". (٢)

وربما كان ذاك على تقدير مضاف أي أشهر الحج أشهر معلومات، فيكون الإخبار بالشيء عن نفسه.


(١) سيبويه ١/ ٢٠٤ - ٢٠٨
(٢) الرضي على الكافية ١/ ١٠٠، الصبان ١/ ٢٠٣

<<  <  ج: ص:  >  >>