للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون}، وقال: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم}، قال الإمام الرازي: "فأنت قلت: كيف عزلت الواو عن الجملة بعد إلا ولم تعزل عنها في قوله (وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم)؟ قلت: الأصل عزل الواو لأن الجملة صفة لقرية وإن زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف" (١).

وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجمًا بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} [الكهف: ٢٢]، "فإن قلت: فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة ولم دخلت عليها دون الأولين؟ " قلت: هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة، كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة، وفائدتها تأكيد لصوق الصفة بالموصوف والدلالة على أن إتصافه بها أمر ثابت مستقر. وهذه الواو هي التي آذنت بأن الذين قالوا سبعة، وثامنهم كلبهم، قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس ولم يرحموا بالظن كما غيرهم" (٢).

وجاء فيه في قوله تعالى: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار} [آل عمران: ١٧]، : "الواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها" (٣).

وانظر إلى الفرق بين قوله تعالى: {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطياكم وسنزيد المحسنين} [البقرة: ٥٨].

وقوله: {وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين} [الأعراف: ١٦١]، فانظر كيف جاء في الآية الأولى بالواو الدالة على الاهتمام والتنويع بقوله (وسنزيد المحسنين)، ولم يأت بها في الثانية.


(١) التفسير الكبير ٢٤/ ١٧٠، وانظر الكشاف ٢/ ١٨٧
(٢) الكشاف ٢/ ٢٥٥، وانظر التفسير الكبير ٢١/ ١٠٥ - ١٠٦
(٣) الكشاف ١/ ٣١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>