للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خبرها (أن) لأن المراد بها قرب حصول الفعل في الحال إلا أنه قد تشبه عسى بكاد فينزع من خبرها أن ..

وقد تشبه كاد بعسى فيشفع خبرها بأن، فيقال: (كاد زيد أن يقوم)، وقد جاء في الحديث (كاد الفقر أن يكون كفرًا).

فحملوا كل واحد من الفعلين على الآخر، لتقارب معنييهما وطريق الحمل والمقاربة أن (عسى) معناها الاستقبال، وقد يكون بعض المستقبل أقرب إلى الحال من بعض فإذا قال: (عسى زيد يقوم) فكأنه قرب حتى أشبه قرب (كاد)، وإذا أدخلوا (أن) في خبر كاد فكأنه بعد عن الحال حتى أشبه (عسى) ومن قال: (عسى زيد يفعل) فقد أجرى عسى مجرى (كاد) ويجعل الفعل موضع الخبر كأنه قال: (عسى زيد فاعلا)، وقد صرح الراجز عند الضرورة بذلك فقال:

أكثرت في العذل ملحًا دائمًا ... لا تكثرن أني عسيت صائمًا. (١) "

وجاء في (أسرار العربية): "فإن قيل: ولم كان الاختيار مع (كاد) حذف (أن) وهي كعسى في المقاربة؟ قيل: هما وإن اشتركا في الدلالة على المقاربة، إلا أن كاد أبلغ في تقريب الشيء من الحال وعسى أذهب في الاستقبال، ألا ترى أنك لو قلت: (كاد زيد يذهب بعد عام) لم يجز لأ (كاد) توجب أن يكون الفعل شديد القرب من الحال، ولو قلت: (عسى الله أن يدخلني الجنة برحمته) لكان جائزًا وإن لم يكن شديد القرب من الحال، فلما كانت (كاد) أبلغ في تقريب الشيء من الحال حذف معها (أن) التي هي علم الاستقبال ولما كانت (عسى) اذهب في الاستقبال أتي معها بأن التي هي علم الاستقبال" (٢).


(١) ابن يعيش ٧/ ١٢١ - ١٢٢
(٢) أسرار العربية ١٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>