للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في (البرهان): "وقال الإمام في نهاية الإيجاز: اشترك الكاف وكأن في الدلالة على التشبيه وكأن أبلغ. وبذلك جزم حازم في (منهج البلغاء) وقال: وهي إنما تستعمل حيث يقوي الشبه حتى يكاد الرائي يشك في أن المشبه هو المشبه به، أو غيره ولذلك قالت بلقيس: (كأنه هو) (١) ".

وربما كان أصل (كأن) ما ذكره النحاة ولكن التعبيرين أعني الأصل والفرع لا يزالان مستعملين. فنحن لا نزال نقول: (كأنه الأسد)، و (أنه كالأسد)، وهذا التعبيران غير متماثلين في الاستعمال ولا في المعنى. ومن أوجه الخلاف بينهما على سبيل المثال:

١ - إن (كأن) يمكن أن تقع خبرا لأن فتقول (أنها كأنها البدر) و (أن محمدًا كأنه بحر) وليس هذا التعبير بمعنى: أنها أنها كالبدر ولا: أن محمدًا أنه كبحر.

فالفرع يختلف اختلافا بينا عن الأصل.

٢ - إن التشبيه بكأن يمكن أن يقع على الفعل نحو (كأنك تسعى إلى مأدبة) وكقوله تعالى: {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} [الأحقاف: ٣٥]. ومثل هذا التعبير لا يمكن أن يؤدي بإن والكاف فلا تقول:

إنك كتسعى إلى مأدبة: وكذلك الآية.

٣ - ومن أوجه الفرق بين التعبيرين إن المشبه به الداخلة عليه الكاف قلما يكون نكرة فلا يحسن أن يقال: أنه كأسد أو كبدر بل هو، أما أن يعرف أو يخصص فيقال: أنه كالبدر أو كبدر التمام أو كبدر مكتمل ونحو ذاك.

وأما خبر (كأن) فلا يقبح كونه نكرة تقول: كأنها قمر. قال النابغة:

كأنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب

٤ - تقع اللام في خبر (إن) مثل: (إنه لكالبحر) ولا تقع في خبر كأنّ.


(١) البرهان ٢/ ٤٠٧ ٤٠٨، الاتقان ١/ ١٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>