للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو عندك أو في الدار لأن زيدا نفس القائم ونفس المستقر والشيء لا يشبه بنفسه" (١).

والصواب أنها للتشبيه أيضا إما على تقدير محذوف كما ذكر الرضي وإما على تشبيه شيء في حالة بنفسه في حالة أخرى. جاء في (الهمع): "وزعم الكوفيون والزجاجي أنها إذا كان خبرها اسما جامدًا كانت للتشبيه نحو (كأن زيدا أسد)، وإذا كان مشتقا كانت للشك بمنزلة ظننت وتوهمت نحو (كأن زيدا قائم) لأن الشيء لا يشبه بنفسه، وأجيب بأن الشيء يشبه في حالة ما به في حالة أخرى، فكأنك شبهت زيدًا وهو غير قائم به قائما، أو التقدير كأن هيئة قائم، ووافق الكوفيون على ذلك ابن الطراوة وابن السيد" (٢).

وأرى أن هذا أرجح مما ذهب إليه الرضي لعدم التقدير والتغيير فعندما تقول: كأنك تمشي فأنت شبهت المخاطب في حالة غير المشي به في حالة المشي، أي شبهت زيدًا وهو في حالة به في حالة أخرى.

وهي ليست في نحو ذلك للظن فهناك فرق بين الظن والتشبيه فإن الظان وقع في نفسه هذا الأمر وتصوره على ما ذكر والمشبه يعلم حقيقة الأمر، فعندما تقول (كأن زيدًا يمشى) أنت تعلم أنه لا يمشي وإنما هو مشبه لشخص يمشي، وأن حالته تشبه حالة شخص يمشي بخلاف قولك: (ظننت زيدًا يمشي) فإن المتكلم ظن ذلك واعتقده في قلبه وتصوره حقيقة وليس كذلك المشبه وإلا لم يقل: كأن.

وقيل هي للتقريب في نحو قولك: كأنك بالدنيا لم تكن، وكأنك بالآخرة لم تزل وكأنك بالليل قد أقبل، وكأنك بالفرج آت (٣).

وأبو علي الفارسي يرى في مثله أن الكاف حرف خطاب، والباء زائدة في اسم كأن فيكون المعنى، كأن الدنيا لم تكن فيبقي كأن للتشبيه، وقال ابن عمرون: " المتصل بكأن


(١) الصبان ١/ ٢٧٢، حاشية الخضري ١/ ١٢٨، التصريح ١/ ٢١٢، المغنى ١/ ١٩٢
(٢) الرضي على الكافية ٢/ ٣٨٣
(٣) الهمع ١/ ١٢٣، المغنى ١/ ١٩٢، حاشية الخضري ١/ ١٢٨ - ١٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>