الأحرف المشبهة بالفعل أيضا نحو {ربما يود الذين كفروا}[الحجر: ٢]، و (صلوا كما رأيتموني أصلي) فبعد أن كانت (رب) منحصرة في دائرة ضيقة من الاستعمال وهو الاسم النكرة نحو (رب ليل كأنه الصبح في الحسن) هيأتها (ما) الكافة للدخول على ما لم تكن تدخل عليه من اسم معرفة، أو جملة فعلية فتوسع معنى التقليل الذي كان منحصرًا في دائرة معينة، وكذلك التشبيه بالكاف، فبعد أن كان منحصرًا بالأسماء الظاهرة اتسع بدخول (ما) عليه، ونحو ذلك:(قل وطال وكثر) فتقول: قلما وطالما وكثرما.
وأما غير الكافة فهي لا تغير الاستعمال، وإنما تبقيه على حاله وتؤكد المعنى نحو قوله تعالى {مما خطيئاتهم أغرقوا}[نوح: ٢٥]، و (ماوي يار بتما غارة) و (ليتما زيدا حاضرا).
هذا هو الفارق الرئيس بين (ما) الكافة وغير الكافة، وقد ذكرت أمور أخرى نوردها في مواطنها.
قال ابن يعيش: " قد زيدت (ما) في الكلام على ضربين: كافة وغير كافة إن تكف ما تدخل عليه عما كان يحدث فيه قبل دخولهما من العمل، وقد دخلت كافة على الكلم الثلاث: الحرف والاسم والفعل.
أما دخولها على الحرف للكف، على ضربين:
أحدهما أن تدخل عليه فتمنعه العمل الذي كان له قبل، وتدخل على ما كان دخل عليه قبل الكف غير عامل فيه، نحو قوله تعالى:{إنما الله إله واحد}[النساء: ١٧١].
والآخر أن تدخل على الحرف وتكفه عن عمله وتهيئه للدخول على ما لم يكن عليه قبل الكف، وذلك نحو قوله تعالى:{إنما يخشى الله من عباده العلماء}[فاطر: ٢٨].
الثاني: استعمالها زائدة مؤكدة غير كافة، وذلك على ضربين:
أحدهما أن تكون عوضًا من محذوف نحو (أما أنت ذا نفر).