للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث قربه من (لا) التي هي سبب البناء إذ الفاصل بينهما ليس إلا واحدا هو هو" (١).

والذي يبدو لي أن لكل تعبير معنى، وليس من حكمة العربية أن تجعل تعبيرات مختلفة ذات دلالة على معنى متحد.

أما البناء فهو كما قال النحاة إن الصفة والموصوف أصبحتا كالكلمة الواحدة، وقد وقع النفي عليهما معا، فالمنفي في قولنا (لا رجل ظريف) كما يقول الرضي هو الظرافة لا الرجل فكأنه (لا) دخلت عليه فكأنك قلت: لا ظريف.

فالنفي هو الاستغراق الرجل المتصف بهذه الصفة لا للرجل على وجه العموم، فكأنه قال: لا من رجل لا من ظريف.

وأما النصب - فيما أرى - فعلى تقدير فعل محذوف، فإن قلت: (لا رجلَ ظريفا) كان التقدير: لا رجل أعني ظريفا. أي نفيت جنس الرجال على وجه العموم أولا، ثم بدا لك أن تبين للمخاطب أن ذلك ليس على وجه العموم، فاستأنفت أخبارا ثانيا فقلت (أعني ظريفا). وجملة (أعني) استئنافية لا محل لها من الاعراب، وهو نظير ما قال الخليل في قولهم (يا زيد الطويل) بالنصب. جاء في (الكتاب): " قلت: أرأيت قولهم يا زيد الطويل علام نصبوا (الطويل) قال: نصب لأنه صفة لمنصوب، وقال: وإن شئت كان نصبا على (أعني) " (٢).

وأما الرفع فعلى القطع وتقدير مبتدأ محذوف فقولك (لا رجلَ ظريف) تقديره (هو ظريف) والجملة استئنافية أيضا.

جاء في (حاشية الصبان) في قولهم. لا غلام سفر ماهرٌ فيها: " قوله ماهرٌ فيها بالرفع على القطع، قيل أو بالعطف على محل (لا) مع اسمها" (٣).


(١) الرضي على الكافية ١/ ٢٨٦
(٢) سيبويه ١/ ٣٠٣
(٣) حاشية الصبان ٢/ ١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>