للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن الناظم: " فإنها - أي علم - تكون لإدراك مضمون الجملة، فتنصب مفعولين وتكون لإدراك المفرد وهو العرفان، فتنصب مفعولا واحدًا كما تنصبه عرف .. قال (١): {لا تعلمهم نحن نعلمهم} [التوبة: ١٠١].

وقد تقول: وهل هناك فرق في المعنى بين علم وعرف؟

والجواب أن النحاة اختلفوا في ذلك، فقد ذهب بعضهم إلى أنه لا فرق بينهما. قال الرضي: " ولا يتوهم أن بين علمت وعرفت فرقا معنويا كما قال بعضهم، فإن معنى (علمت أن زيدًا قائمًا) و (عرفت أن زيدًا قائم) واحد، إلا أن (عرف) لا ينصب جزءي الإسمية كما ينصب (علم)، لا لفرق معنوي بينهما بل هو موكول إلى اختيار العرب، فإنهم قد يخصون أحد المتساويين في المعنى، بحكم لفظي دون الآخر (٢).

وقيل إن بينهما فرقا في العلم يتعلق بالصفات والمعرفة بالذوات. جاء في (منثور الفوائد): (علمت) إذا كانت بمعنى (عرفت) تعدت إلى مفعول واحد، وإذا كانت لغير ذلك تعدت إلى مفعولين، وبيان ذلك أنك إذا قلت (عرفت زيدًا) فالمعنى إنك عرفت ذاته، ولم ترد أنك عرفت وصفا من أوصافه، فإذا أردت هذا المعنى لم يتجاوز مفعولا لأن العلم والمعرفة تناولا الشيء نفسه ولم يقصد غير ذلك. وإذا قلت: علمت زيدًا قائمًا لم يكن المقصود أن العلم تناول كون زيد موصوفا بهذه الصفة (٣).

وجاء في (حاشية الخضري) أن العلم " يتعلق بصفة الشيء وحكمه وبالكليات، والمعرفة بالجزئيات وبالذات فمعنى علمت زيدًا قائمًا علمت اتصافه بالقيام، ومعنى.

(عرفته) عرفت ذاته" (٤). وجاء في _ (حاشية الصبان): " فمعنى (علمت أن زيدًا قائم) علمت اتصاف زيد بالقيام لا علمت حقيقة القيام المضاف إلى زيد في نفسه ومعنى


(١) ابن الناظم ٨٩
(٢) الرضي على الكافية ٢/ ٣٠٧
(٣) منثور الفوائد (٢ ب)
(٤) حاشية الخضري ١/ ١٥٣

<<  <  ج: ص:  >  >>