فإن عديت الفاعل إلى المفعول في هذا الباب، صارت الكاف مفعولة تقول: رأيتني عالما بفلان، فإذا سألت عن هذا الشرط، قلت للرجل: أرأيتك عالما بفلان، وللإثنين أرأيتما كما عالمين بفلان، وللجميع أرأيتموكم لأن هذا في تأويل: أرأيتم أنفسكم. .
قال ابن بري: وإذا جات أرأيتكما وأرأيتكم بمعنى أخبرني، كانت التاء موحدة فإن كانت بمعنى العلم ثنيت، وجمعت، قلت: أرأيتكما خارجين وأرأيتموكم خارجين؟ (١) وقد زيدت الكاف - كما ذكرنا - لتوكيد الخطاب وذلك كأن يكون المخاطب غافلا، أو كان الأمر يوجب زيادة التنبيه، قال تعالى:{قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون. هل أريتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون}[الأنعام: ٤٦ - ٤٧].
فأنت ترى أنه قال مرة (أرأيتم)، ومرة (أرأيتكم) وذلك يعود إلى سببين والله أعلم.
الأول: أنه قال في الآية الأولى {أريتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم} فاحتاجوا بعد إلى زيادة في التنبيه والخطاب، وذلك إن فاقد السمع والبصر، والمختوم على قلبه، به حاجة إلى زيادة خطاب وتنبيه، أكثر من السوي، فقال فيما بعد (أرأيتكم).
والسبب الثاني: أن الآية الثانية أشد من الآية الأولى تنكيلا وعذابا، فإن فيها عذاب الله الذي هو أشد من أخذ السمع والبصر، فاحتاج الموقف إلى تنبيه أكثر وزيادة حذر وحيطة فجاء بكاف الخطاب.
وقد تقول: ولم قال الله تعالى في سورة يونس: {قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرون}[يونس: ١٠]، ولم يقل (أرأيتكم) كما قال في الآية السابقة أو كما في آية أخرى من سورة الإنعام فقد قال: {قل أريتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين}[الأنعام: ٤٠]، والآيات متشابهة، والموقف واحد؟ .