(قام) فاعل أو تضطر إلى تقدير الضمير، فتعود إلى قول البصريين، ومنها أنك تقول:(عبد الله هل قام) فلا يكون عبد الله فاعلا لقام، لأن الاستفهام يمنع أن يعمل ما بعده فيما قبله، إلى غير ذلك (١).
وهذا خلاف في الأمور الإصطلاحية، وفيما أرى كان ينبغي أن تبحث هذه المسألة على غير هذه الشاكلة، وهو أن يبحث في الخلاف المعنوي بين هذين التعبيرين فيقال مثلا:
تقول العرب: حضر سعد، وسعد، فما الفرق بين هذين التعبيرين؟ ولإيضاح ذلك نقول: إن الأصل في الجملة التي مسندها فعل أن يتقدم الفعل، فإن تقدم المسند إليه نظر في سبب ذلك فالأصل أن يقال نحو (حضر سعدٌ) و (قدم خالدٌ) فإن قيل (سعد حضر) و (خالد قدم) نظر في سبب تقديم المسند إليه، والفرق بين التعبيرن أنك قلت:(حضر سعد) قلت ذلك والمخاطب خالي الذهن، ليس في ذهنه شيء عن هذه المسألة فأخبرته أخبارا ابتدائيا، وأما إذا قلت (سعد حضر) فقدمت الفاعل فلا يكون ذلك إلا لغرض، ومن هذه الأغراض:
١ - إزالة الوهم من ذهن المخاطب، وذلك أنه قد يكون المخاطب يظن أن الذي حضر هو خالد لا سعد، فتقدم له الفاعل لإزالة هذا الوهم من ذهنه، فالسامع في الجملة الأولى لا يعلم شيئا عن الأمر، وفي جملة التقديم يعلم أن شخصا ما حضر، ولكن يظنه خالدا لا سعدا. فهو يعلم الحكم لكنه لا يعلم صاحبه بخلاف الجملة الأولى، فإنه لا يعلم أصل المسألة.
٢ - القصر والتخصيص: أي تخصيص المسند إليه بالخبر الفعلي تقول مثلا: محمد سعي في حاجتك، وخالد أنجز هذا الأمر، أي ليس غيره، فإن قولك (سعي محمدٌ في حاجتك) يفيد أن محمدٌ كان من الساعين فيها، ولا يمنع أن يكون سعي فيها غيره،