للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالموضع موضع تكذيب، أو فيما القياس في مثله أن لا يكون كقوله تعالى: {واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون} [الفرقان: ٣]، وكذلك في كل شيء كان خبرا على خلاف العادة، وعما كان يستغرب من الأمر نحو أن تقول: ألا تعجب من فلان يدعي العظيم وهو يعني (١) باليسير.

ومما يحسن ذلك فيه، ويكثر الوعد والضمان، كقول الرجل: انا أعطيك، أنا أكفيك .. وذلك أن من شأن من تعده وتضمن له، أن يعترضه الشك في تمام الوعد، وفي الوفاء به فهو أحوج شيء إلى التأكيد.

وكذلك يكثر في المدح كقولك: أنتَ تعطي الجزيل .. وكذلك المتفخر. ويزيدك بيانه أنه إذا كان الفعل مما لا شك فيه، ولا ينكر بحال لم يكد يجيء على هذا الوجه، ولكن يؤتى به غير مبني على اسم، فإذا أخبرت بالخروج مثلا عن رجل من عادته أن يخرج في كل غداة قلت: قد خرج ولم تحتج إلى أن تقول: هو قد خرج ذاك لأنه ليس بشيء يشك فيه السامع فتحتاج أن تحققه وإلى أن تقدمه فيه ذكر المحدث عنه (٢).

٧ - قصد الجنس وهذا يكون في النكرات إذا تقدمت نحو: رجل حضر وأما قولك (حضرني رجل) فإنه يحتمل الجنس الواحد. ونحوه قولك (جاءني طالب) أي واحد من الطلاب ويحتمل أيضا الإخبار عن جنس من جاءك. وأما قولك: (طالب جاءني) فإنك تخبر به إن الذي جاءك هو من جنس الطلاب، لا من غيرهم، فإن السامع يعلم أن أحدًا جاءك لكنه لا يعلم جنسه، أو يظن أنه طالبة مثلا، جاء في (دلائل الإعجاز): " إذا قلت: أجاءك رجل؟ فأنت ترى أن تسأل: هل كان مجيء من أحد من الرجال إليه؟ فإن قدمت الاسم فقلت أرجل جاءك؟ فأنت تسأله عن جنس من جاء، أرجلٌ وأمرأة؟ ويكون هذا منك إذا كنت عملت أنه قد أتاه آت، ولكنك لم تعلم جنس ذلك الآتي .. وإذا كان كذلك كان محالا أن تقدم الاسم النكرة وأنت لا تريد السؤال عن الجنس ..


(١) كذا في المطبوع ولعل الأصل: يعيا.
(٢) دلائل الإعجاز ١٠٢ - ١٠٤

<<  <  ج: ص:  >  >>