للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الأمر في التحذير فـ (إياك) في التحذير نائبة عن فعل التبعيد، والمنع، والتحذير ويقدرون لها فعلا معناه (احذر)، ونحو ولكن لو أظهرته لتغير المعنى، ولأصبح التحذير بالفعل المذكر لا بإياك، فلو قلت: (إياك من الكذب) كان التحذير بإياك وحده، ولو قلت (احذرك من الكذب) لكان التحذير بالفعل (احذر) لا بالضمير، وكذلك لو قلت (إياك احذر من الكذب) كان التحذير بالفعل لا بـ (إيا) وقدمت الضمير للاختصاص، وعند ذلك لا يكون (إيا) كناية التبعيد والمنع، ولا نائبا عن فعل التحذير، وإذا قلت (احذك إياك أن تفعل) كانت (إيا) ليست تحذيرا، وإنما هي بدل من ضمير الخطاب على رأي الجمهور، أو توكيد له على رأي آخرين، فأنت لا تذكر الفعل إذا كانت (إيا) تقوم مقام فعل التحذير ولو ذكرت الفعل كانت ضمير نصب غير مكني به عن التحذير.

والذي يدل على أن (إيا) في التحذير ليست مثلها في غير التحذير، ان بعض العرب قد تغير في (إياك) التي للتحذير، وتتصرف فيها بخلاف التي لغير التحذير، فتقول: (إياك) بفتح الهمزة، و (هياك) بإبدال الهمزة هاء، وذلك في التحذير فقط، جاء في (لسان العرب): " ومنهم من يجعل التحذير وغير التحذير مكسورا، ومنهم من ينصب في التحذير ويكسر ما سوى ذلك للتفرقة .. ، قال الفراء: والعرب تقول (هياك وزيدا) إذا نهوك، قال: ولا يقولون هياك ضرب" (١).

إنها طريقة من طرائق التعبير في المنع والتبعيد، إنك كما تقول في الأمر:

قم بالواجب، وقياما بالواجب.

اصبر على الحق، وصبرا على الحق، فتأمرة مرة بالفعل، ومره بالمصدر، وكما تقول: إلزم نفسك، وعليك نفسك خذ الكتاب ودونك الكتاب.

فتأمره مرة بالفعل، ومرة باسمه، كذلك تقول:


(١) لسان العرب (هيا) ٢٠/ ٣٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>