للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختصاص

(الاختصاص في الأصل مصدر اختصصته بكذا، أي خصصته به، وفي الاصطلاح تخصيص حكم علق بضمير ما تأخر عنه، من اسم ظاهر معروف (١)).

والنحاة يخصون في هذا المصطلح بما يقع بعد ضمير المتكلم، أو المتكلم المشارك معه غيره من اسم ظاهر معرفة موضحا لذلك الضمير ومبينا له نحو (نحن المسلمين نفي بالعهود) و (علي خالد يعتمد). ولا يصح أن يوضح الضمير في هذا الباب نكرة، ولا اسم مبهم، فلا يصح أن يبين باسم إشارة ونحوه من المبهمات، قال سيبويه: (واعلم إنه لا يجوز لك أن تبهم في هذا الباب فتقول (إني هذا أفعل كذا وكذا) ولكن تقول (إني زيدا أفعل) ولا يجوز أن تذكر إلا اسما معروفا، لأن الأسماء إنما تذكر هنا توكيد وتوضيحا للمضمر، وتذكيرا فإذا ابهمت فقد جئت بما هو أشكل من الضمير، ولو جاز هذا لجازت النكرة فقلت، أنا قومها فليس هذا من مواضع النكرة، والمبهم، ولكن هذا موضع بيان كما كانت الندبة موضع بيان، فقبح إذا ذكروا توكيدا لما يعظمون أمره أن يذكروه مبهما (٢)).

وإيضاح ذلك أن الضمائر قد تحتاج إلى إيضاح لأنها كنايات عن المتكلم، والمخاطب والغائب، ولذلك سميت (ضمائر)، فالضمير فعيل بمعنى (مفعل) أي مضمر من (أضمر) وأضمر أخفي، وأضمر خيرا أو شرا أي أخفي ذلك في نفسه، قالوا وسمي ضميرا لأنه يستتر أي يخفي، وأرى أنه سمي ضميرا لأنه يستر تحته الاسم الصريح، ويخفي كما مر بيان ذلك، فإذا قلت (أنا) فأنت لم تصرح باسمك، وإنما أخفيته تحت الضمير.


(١) التصريح ٢/ ١٩٠
(٢) سيبويه ١/ ٣٢٨، وانظر التصريح ٢/ ١٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>