للاهتمام، فنصب الظام والمستبعد والباطل. وهذا وجه الكلام: ولو نظرنا في الآيات القرآنية الكريمة لوجدنا مصداق ذلك.
قال تعالى:{والأرض ممدناها وألقينا فيها رواسي} بالنصب ولو رجعنا إلى السياق لوضح السبب، وإليك السياق:{ولقد جعلنا في السماء بروجا وزينها للناظرين. وحفظناها من كل شيطان رجيم، إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين. والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون، وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين}[الحج: ١٦ - ٢٠].
فالكلام إنما هو على الله الذي جعل في السماء بروجا وزينها، ومد الأرض وألقى فيها رواسي وأنبت فيها من كل شيء، وجعل فيها المعايش.
فالكلام - كما ترى - على الله تعالى لا على الأرض ولكن قدم الأرض للاهتمام بها من بين ما ذكر، والحديث عنها من بين ما عدد فقال (والأرض مددناها .. إلخ) فإنه وإن كان الكلام في الأصل يدور على الله تعالى، وقدرته، خص الأرض بالاهتمام فقدمها، والكلام فيها قبل وبعد على الله تعالى، ولو رفع (الأرض) لكان الحديث يدور عنها والإسناد إليها والسياق غير ذلك.
وإليك مثالا آخر يوضح ذلك، قوله تعالى {والجان خلقناه من قبل من نار السموم}[الحجر: ٢٧]، بالنصب فلم يرفع؟ إن السياق يوضح ذلك.
إن الكلام على الله تعالى وهو في سياق الآيات التي سردناها آنفا، قال تعالى:
{ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون. والجان خلقناه من قبل من نار السموم. وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون. فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. فسجد الملائكة كلهم أجمعون، إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين، قال يإبليس مالك ألا تكون مع الساجدين. قال لم اكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون، قال فاخرج منها فإنك رجيم. وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين. قال رب فانظرني إلى يوم