يسمى النحاة المفعول المطلق في نحو (قمت بالأر قيامًا) مؤكدًا لعامله. والعامل هنا الفعل. والحقيقة أنه في نحو هذا مؤكد لمصدر الفعل لا للفعل، لأن الفعل ما دل على حدث مقترن بزمن، أما المصدر فهو الحدث المجرد، فعندنا تقول:(قمت قياما) تكون قد أكدت الحدث وحده، ولم تؤكد الحدث والزمن جميعا، فالمتكلم قد يحتاج إلى توكيد الفعل كله فيكرره فيقول قام قام محمد، فيكون قد آكد الحدث والزمن، وقد يحتاج إلى توكيد الحدث فقط يقول: قام محمدا قياما، وقد يؤكد الزمن الذي تضمنه الفعل دون الحدث فيأتي بالظرف المؤكد فيقول (قام محمد حينا) فـ (حينا) مؤكد للزمن الذي تضمنه الفعل (قام)، لأن القيام لابد أن يكون في حين، ونحو قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}[الإسراء: ١]، لأن الإسراء لا يكون إلا في الليل.
فهذا القسم من المفعول المطلق إذن مؤكد لمصدر عامله سواء، كان فعلا أم وصفا نحو (محمد قائم قياما)، فالمفعول المطلق مؤكد لمصدر الوصف، لا للوصف الذي يدل على الحدث والذات، ولو أردت توكيد الوصف لقلت (محمد قائم قائم)، ولا يؤكد إلا إذا كان مصدرا نحو عجبت من ضربك خالدا ضربا.
قال الرضي: " المراد بتأكيد المصدر الذي هو مضمون الفعل بلا زيادة شيء عليه من وصف أو عدد وهو في الحقيقة تأكيد لذلك المصدر المضمون، لكنهم سموه تأكيدا للفعل توسعًا، فقولك (ضربت) بمعنى أحدثت ضربا، فلما ذكرت بعده (ضربا) صار بمنزلة قولك: أحدثت ضربا ضربا.
(١) انظر ابن عقيل ١/ ١٨٧، الأشوني ٢/ ١١٢ التصريح: ١/ ٣٢٣ - ٣٢٤