لا يسمى النحاة اسم الزمان ولا المكان ظرفا، حتى يتضمن معنى (في) الظرفية، وذلك نحو (سرت يمينك) فالسير كان في جهة اليمين، ونحو (قدمت صباح اليوم)، فالقدو كان في الصباح، أي كان اليمين ظرفا للسير احتواه كاحتواء الوعاء للماء، والصباح كان ظرفا للقدوم أي وقع كما تحتوي الآنية ما فيها.
فإن لم يتضمن معنى (في) فلا يسميه النحاة ظرفا وذلك نحو قوله تعالى {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا}[البقرة: ٤٨]، فـ (يوما) ليس ظرفا لأن الإتقاء ليس واقعا فيه بل هو قبله، فكيف يكون ظرفا للاتقاء، وهو لم يقع فيه؟ ونحوه قوله تعالى:{وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون}[مريم: ٣٩]، فيوم الحسرة وهو يوم القيامة ليس ظرفا، لأن الإنذار ليس في يوم القيامة، وإنما هو قبل يوم القيامة، فلا يكون ظرفا له بل هو مفعول به، ونحوه لو قلت (أخاف يوم القيامة) فهو مفعول به، لا ظرف، لأن الخوف ليس واقعا في يوم القيامة بل قبله، فلو قلت (أخاف أعمالي يوم القيامة) كان ظرفا لأن الخوف واقع فيه، ونحوه لو قلت:(أتذكر يوم سافرنا قبل عامين) كان اليوم مفعولا به وليس ظرفا لأن الذكر واقع بعد يوم السفر لا فيه. ولو قلت (اذكرني يوم سفرك) كان ظرفا، ونحوه قوله تعالى:{إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}[ص: ٢٦]، فالنسيان ليس في الحسبان بل قبله، فهو ليس ظرفا له. ونحوه أن تقول (نسيت يوم السفر)، فهو ليس ظرفا، ولكن لو قلت (نسيت الكتاب يوم السفر) كان ظرفا لأن النسيان وقع في يوم السفر.
ومما لا يتضمن معنى (في) قولك (يومنا مشرق)، فإنك لم تذكر حدثا وقع فيه، وإنما هو مبتدأ، ونحوه أن تقول (ذهب وقت الشباب بما فيه) فإنه فاعل وليس متضمنا معنى (في) لأن الوقت هو الذي ذهب، لا أن شيئا ذهب فيه، جاء في (التصريح): "وخرج عن الحد .. نحو {يخافون يوما}[النور: ٣٧]، من أسماء الزمان نحو {الله أعلم حيث يجعل رسالته}[الأنعام: ١٢٤]، من أسماء المكان فإن (يوما) و (حيث) وإن كانا من