تقول: أنا زيد، وأنا أنا زيد، وهو أنا زيد، فالأولى أخبار ابتدائي، والثانية توكيد لمن يشك في أنك زيد، وأما جملة (هو أنا زيد) فلتفخيم الأمر. تقول (هو) فتجعل السامع يذهب في الظن كل مذهب في هذا الضمير الذي لا يدري علام يعود وتجعله متشوقا لخبره ثم تأتي بجملة تفسره.
وقد ذهب بعضهم إلى أن ضمير الشأن يفيد التوكيد إضافة إلى التفخيم (١) والذي يبدو لي أن الغرض الرئيس منه هو التفخيم.
وتقول:(زيد الحاضر) و (زيد هو الحاضر) و (زيد زيد الحاضر) و (هو زيد الحاضر) فالجملة الأولى أخبار بالمعرفة على معنى القصر، والثانية لتوكيد القصر، والثالثة توكيد لمن شك في (زيد) أو ظن أنه انصرف ذهنه إلى غيره، فتكرر له زيدا لتزول هذه الاحتمالات. وأما الرابعة فلغير ذلك، أنها لتفخيم الأمر وتعظيمه والضمير (هو) في الجملة الرابعة غيره في الجملة الثانية وهو ليس زيدا.
فهو في الجملة الثانية ضمير فصل يعود على الاسم السابق ويطابقه في التذكير والتأنيث والأفراد والتنثية والجمع والحضور والغيبة فتقول:
إنني أنا السابق، زيد هو السابق، الرجلان هما السابقان، هند هي السابقة، الرجال هم السابقون إننا نحن السابقون، إنك أنت السابق، بخلاف ضمير الشأن الذي يكون بلفظ الأفراد والغيبة وإنما هو قد يؤنث لما بعده قال تعالى:{فإنها لا تعمى الأبصار}[الحج: ٤٦]، وقال:{إنه لا يفلح الظالمون}[الأنعام: ٢١].
وقال:{إنه لا يفلح الكافرون}[المؤمنون: ١١٧]، ولا يدل الضمير على اسم بعينه بل على الجملة كما ترى في قوله:{إنه لا يفلح الظالمون} وغيرها، فلا يقصد بـ (هو)(زيد) وإنما يقصد به الأمر، ولذلك يصح أن تقول:(هو أنا حاضر)، ولا يصح أن تقول:(أنا هو حاضر) فلو كان الضمير يعود على الاسم بعده، لكان الكلام متناقضا إذ كيف يكون الغائب حاضرا متكلما؟