١ - أنه يصح بلا خلاف أن أقول (فعلت ذلك ابتغاء مرضاة الله) جوابا عن سؤال لما فعلت ذاك؟ فهنا أفدت التعليل والسبب قال تعالى:{وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم}[الأعراف: ١٦٤]، فهنا بين علة الوعظ وسببه. في حين أن المفعول المطلق والحال ليسا لبيان العلة فالمفعول المطلق يكون لبيان التوكيد ولبيان النوع والعدد عند النحاة وهذا ليس واحدا منها، والحال مبنية للهيئة ومؤكدة وهذا عذر وسبب. فالمفعول له يؤدي غرضا مغايرا لغرض الحال والمفعول المطلق.
أنه قد يصح تقديره بالحال أو بالمفعول المطلق لكن لمعنى سيختلف وذلك نحو قولك (جئت طمعا في رضاك) فإن قدرته (طامعا) كان حالا وإن قدرته (أطمع طمعا) كان مفعولا مطلق وإن أردت العلة والسبب كان مفعولا له ولكل معنى.
٢ - العطف على العلة الصحيحة وذلك نحو قوله تعالى {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}[النحل: ٦٤]، فهنا ذكر علة إنزال الكتاب باللام فقال:{لتبين لهم الذي اختلفوا فيه} وهذه علة لا حال ولا مفعولية مطلقة ثم عطف عليها بقوله (وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) فهو إذن علة مثله وسبب لا حال ولا مفعول مطلق لأنه لا يصح عطف الحال على ما ليس حالا ولا عطف المفعول الملطق على ما ليس مفعولا مطلقا.
ومثله قوله تعالى:{قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا وهدى وبشرى للمسلمين}[النحل: ١٠٢] فهي مثل الأولى.
٣ - إن القول برأي الكوفيين يفضي إلى أخراج الأفعال من معانيها إلى معان أخرى قد تكون بعيدة عنها من دون موجب وذلك نحو قولنا (قلت ذاك خوفا منه) فيكون القول عندهم بمعنى الخوف في حين أن القول حسي والخوف قلبي. ونحو قوله:{وما اختلف فيه إلا الذي أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم}[البقرة: ٢١٣]، فيكون الاختلاف بمنى البغي. ونحو قوله:{كالذي ينفق ماله رئاء الناس}[البقرة: ٢٦٤].