للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله قوله تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين أمنوا وهدى وبشري للمسلمين} [النحل: ١٠٢]، فالتثبيت والهداية والبشري بعد التنزيل لاوقته.

وقد ذهب أبو علي إلى إجازة عدم المقارنة في الزمان (١).

وأما المشاركة في الفاعل فليست ضرورية، وهو الذي ذهب إليه ابن خروف " تمسكا بقوله تعالى: {يريكم البرق خوفا وطمعا} [الرعد: ١٢]، إذ أن فاعل الإرادة هو الله والخوف من المخاطبين" (٢). وقد جعل النحاة على تأويل الخوف والطمع بالإخافة والإطماع، أو تأويل (يريكم البرق) بيجعلكم ترون، وهو تأويل بعيد دعت إليه قاعدتهم، ولم تدع إليه ضرورة تعبير.

ومن عدم الاتحاد في الفاعل أيضا قوله تعالى: {فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا، استكبارا في الأرض ومكر السيء} [فاطر: ٤٢ - ٤٣]، ففاعل زيادة النفور النذير، وفاعل الاستكبار الكفار، فالفاعل مختلف، وقال: {تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر} [القمر: ١٤]، ففاعل الجري السفينة، وفاعل الجزاء هو الله، جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وبعض النحاة لا يشترط تشاركهما في الفاعل، وهو الذي يقوي في ظني وإن كان الأغلب هو الأول والدليل على جواز عدم التشارك قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في نهج البلاغة (فأعطاه الله النظرة استحقاقا للسخطة واستتماما للبلبة) والمستحق للسخطة إبليس، والمعطي للنظرة هو الله تعالى، لا يجوز أن يكون (استحقاقا) حالا من المفعول لأن (استتماما) إذن يكون حال المفعول وكذا قول العجاج:

يركب كل عاقر جمهور ... مخافة وزعل المحبور

والهول من تهور الهبور


(١) الرضي على الكافية ١/ ٢٠٩
(٢) حاشية الخضري ١/ ١٩٤، وانظر الأشموني ٢/ ١٢٢، التصريح ١/ ٣٣٤ - ٣٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>