للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧ - إذا تقدم شيئا أو أكثر مما يصلح للتفسير، فالأصل أن يعود الضمير على الأقرب نحو (جاء محمد وخالد فأكرمته) أي فأكرمت خالدًا وكقوله تعالى: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل} [يونس: ٥]، أي قدر القمر وكقوله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم لا تسمعون} [الأنفال: ٢٠]، فالضمير عاد على القريب وهو الرسول. (١)

ويجوز أن يعود على الأول مع القرينة (٢) وذلك كقوله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: ١١]، فعاد على التجارة وأعاده الضمير على أحد المذكورين أنما يكون بحسب ما يقتضيه المقام فقوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة: ١١]، إنما أعاد الضمير فيه على التجارة، لأنها كانت سبب الانفضاض، وهو يخطب (٣) وقوله تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} [البقرة: ٤٥]، إنما أعاد الضمير فيه على الصلاة دون الصبر، وختم الآية بالكلام عليها لأن الكلام على الصلاة، فقد تقدم ذكر الصلاة بالمطالبة بها قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين} [البقرة: ٤٣]، بخلاف قوله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين} [البقرة: ١٥٣]، فقد ختم الآية بالكلام على الصبر، وذلك لأن الكلام عليه والسياق يقتضيه فقد قال تعالى بعد هذه الآية: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: ١٥٤ - ١٥٦]، فلما كان السياق في الموطن الأول عن الصلاة أعاد الضمير عليها وختم الآية بها. ولما كان السياق في الموطن الثاني عن الصبر ختم الآية بالكلام على الصابرين والله أعلم.


(١) انظر البرهان ٤/ ٣٠ - ٣١، الاتقان ١/ ١٨٧
(٢) الرضي على الكافية ٢/ ٥
(٣) البرهان ٤/ ٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>