حافظ) معناه متصف بالحفظ، كما تقول (أقبل رجل مقريء) أي متصف بالإقراء، ولكن إذا قلت (أقبل حافظا رجل) كان المعنى أنه حافظ في إقباله هذا، تقول (في الدار رجل مقريء) أي متصف بالإقراء، وليس معناه أنه يقوم الآن بالإقراء، فإن قلت (في الدار مقرئا رجل) تعين أنه بالاقراء حال كونه في الدار، ولا تقوله إلا إذا كان يقوم بالاقراء.
وتقول (أقبل طالب مهمل) أي متصف بالإهمال، كما تقول (هذا طالب مهمل) فإن قلت (أقبل مهملا طالب) كان المعنى أنه مهمل في إقباله هذا، وليس ذلك سمته العام. وكذلك بالنسبة للمسوغات الأخرى.
فإنه يصح أن تقول (ما أقبل طالب مقصر) وتقول (ما أقبل طالب مقصرا) لوجود المسوغ وهو النفي، ولكن هل المعنى واحد؟ كلا! فإن قولك (ما أقبل طالب مقصر) معناه أنه لم يقبل طالب متصف بالتقصير، وأما قولك (ما أقبل طالب مقصرا) فمعناه نفي التقصير عنه في إقباله هذا، وقد يكون قبل هذا مقصرا، ومتصفا به نحو (لا يأت طالب مهمل) و (لا يأت طالب مهملا) فالأولى نهي عن اتيان طالب متصف بالاهمال، والثانية معناه النهي عن الاهمال في هذا المجيء، وانظر إلى قول قطري:
لا يركنن أحد إلى الاحجام ... يوم الوغي متخوفا لحمام
فإنه لم يقل (متخوف) لأن المعنى يمنع من ذلك، فإنه إذا قال (متخوف) فمعناه أن التخوف وضعه العام. فكيف ينهاه عن الإحجام إذا كان متخوفا؟ ولكن قال (متخوفا)، لأنه أراد ان لا يتخوف يوم الوغي، وفرق بين المعيين.
وكذلك قولك (جاءني طالب صغير مقصرا) و (مقصر) فبالاتباع يكون سمته العام التقصير وفي النصب يكون مقصرا في مجيئه هذا.
ونحن نرى أن لا داعي لهذه المسوغات، وإنما المسوغ المعنى، فمعنى الحال غير معنى الصفة، فإن أردت الحالية نصبت وإن أردت الصفة اتبعت، وقد ذهب الخليل وسيبويه إلى أنه يجوز الحال من النكرة بلا مسوغ من هذه المسوغات، جاء في