للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال نحو هذا القول في قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} [الكهف: ٢٢]، قال: " فإن قلت: فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة، ولم دخلت عليها دون الأوليين؟

قلت: هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة في نحو قولك (جاءني رجل ومعه آخر) و (مررت بزيد وفي يده سيف) ومنه قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} وفائدتها تأكيد لصوق الصفة بالموصوف، والدلالة على أن إتصافه بها أمر ثابت مستقر، وهذه الواو هي التي آذنت بأن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس، ولم يرجموا بالظن كما غيرهم" (١).

فقد ذكر أن لها فائدتين:

الأولى تأكيد الالتصاق، والثانية أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر.

والجمهور ينكرون مجيء الجملة جملة، الصفة بعد هذه الواو (٢)، ويعدون هذه الواو واو الحال، جاء في (المغنى): " الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوقها بموصوفها، وإفادتها ان اتصافه بها أمر ثابت، وهذه الواو أثبتها الزمخشري ومن قلده وحملوا على ذلك مواضع الواو فيها كلها واو الحال". (٣)

وعند سيبويه هي بمعنى (إذا) أي للزمن الماضي، جاء في (كتاب سيبويه): " وأما قوله عز وجل {يغشى طائفة منكم وطائفة قد اهمتهم أنفسهم} [آل عمران: ١٥٤]، فإنما وجهوه على أنه يغشى طائفة منكم، وطائفة في هذه الحال، كأنه قال (إذ طائفة في هذه الحال)، فإنا جعله وقتا، ولم يرد أن يجعلها واو عطف، إنما هي واو الابتداء" (٤).


(١) الكشاف ٢/ ٢٢٥، وانظر ٢/ ٣٨٧، في قوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذورن}
(٢) انظر حاشية يس على التصريح ١/ ٣٧٧، الصبان ٢/ ١٧٥، الأشموني ٢/ ١٧٦
(٣) المغنى ٢/ ٣٦٤، التصريح ١/ ٣٧٧
(٤) سيبويه ١/ ٤٧، وانظر المقتضب ٤/ ١٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>