للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في (شرح الرضي) إن نحو لله درك، أو در زيد فارسًا، وكفي زيد شجاعا، أن الأكثرين قالوا فيها " هي تمييز وقال بعضهم: هي حال، أي ما أعجبه في حال فروسيته. ورجح المصنف الأول، قال: لأن المعنى مدحه مطلقا بالفروسية، فإذا جعل حالا اختص المدح وتقيد بحال فروسيته، وأنا لا أرى بينهما فرقا، لأن معنى التمييز عنده ما أحسن فروسيته، فلا يمدحه في غير حال الفروسية، إلا بها وهذا المعنى هو المستفاد من (ما أحسنه في حال فروسيته) وتصريحهم بمن في لله درك من فارس دليل على أنه تمييز" (١).

ونحن لا نوافق الرضي فيما ذهب إليه فإن ثمة فرقا في المعنى بينهما إذا جعلت حالا او جعلت تمييزا. فإنك إذا قلت (ما أحسن زيدا فارسا) فقد تقصد بذاك أنك تمدحه في حال فروسيته كما تقول: (ما أكرم زيدا فارسا، وما أبخله راجلا) أي هو كريم عندما يركب الفرس بخيل عندما يترجل، أي هو كريم في هذه الحال، بخيل في حال أخري، فهذا حال لا غير.

وهذا نظير قول القائل لمعبد بن طوق العنبري، وكان قد تكلم وهو قائم فأحسن، فلما جلس تتعتع: (ما أظرفك قائما وأموقك قاعدا (٢)).

وهو من الوضوح بمكان.

وإن قصدت (ما أحسن زيدا من فارس) أي هو فارس حسن، لا إنه حسن في حال الفروسية، كان تمييزا بمعنى هو من أحسن الفرسان، فهناك فرق بين المعنيين.

ونحوه ما ذكره ابن هشام في المنصوب بعد (حبذا) قال: " واختلف في المنصوب بعد (حبذا) فقال الأخفش والفارسي والربعي: حال مطلقا، وأبو عمرو بن العلاء: تمييز مطلقا، وقيل الجامد تمييز، والمشتق حال.


(١) الرضي على الكافية ١/ ٢٤١
(٢) انظر البيان والتبين ٢/ ٤١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>