للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظن المخاطب أنه تم، قلت (ذهبا) بخلاف قولك (عندي خاتم ذهب) فإن الكلام جعلته سردا واحدا فلم يتم بكلمة (خاتم)، بل أن السامع ينتظر بقية الكلام، فالتمييز في الأولى منتصب بعد تمام الكلام، وهذا يكون إذ أردت إبهام الأمر على السامع أولا، ثم إيضاحه فيما بعد إذا أردت أن المقام يستدعي ذلك، كأن يكون الخاتم من نوع ثمني، أو من معدن نادر يستدعي الإبهام، أو هو عند شخص غير متوقع أن يكون عنده هذا الخاتم، أو لغير ذلك من الملاحظ فتبهم الأمر عليه، ثم توضح له، وهذا المعنى غير موجود في الإضافة.

جاء في (شرح الرضي على الكافية): " وقيل أن الأصل في التمييز أن يكون موصوفا بما انتصب عنه سواء، كان مفردا أو عن نسبة، وكان الأصل (عندي خل راقود) و (رجلٌ مثله) و (سمن منوان) وكذا كان الأصل في (طالب زيد نفسا) لزيد نفس طابت، وإنما خولف بها لغرض الإبهام أولا، ليكون أوقع في النفس لأنه يتشوق النفس إلى معرفة ما أبهم عليها، وأيضا إذا فسرته بعد الإبهام فقد ذكرته إجمالا وتفصيلا وتقديمه مما يخل بهذا المعنى، فلما كان تقديمه يتضمن إبطال الغرض من جعله تمييزا لم يستقم" (١).

وجاء في (حاشية الصبان): " وإنما عدل هذا الأصل ليكون فيه إجمال ثم تفصيل فيكون اوقع في النفس، لأن الآتي بعد الطلب أعز من المنساق بلا طلب" (٢).

وقد يختلف المعنى بين النصب والجر من وجه آخر، وذلك نحو أن تقول (هذا مقص حديد) و (هذا مقص حديدا) فقولك هذا مقص حديد، بالإضافة، يحتمل أن المقص من حديد، ويحتمل أنه مقص للحديد، أي يقص الحديد، كما تقول هذا منشار خشب أي ينشر الخشب، مع أنه حديد بلا خلاف ما لو قلت هذا منشار خشبا، فإنه يعني أنه من خشب، ونحوه أن تقول (هذه مسامير حديد، مسامير حديدا) فقولك (مسامير حديد) بالاضافة يحتمل أنها من الحديد، ويحتمل أنها للحديد، كما تقول (هذه مسامير


(١) الرضي ١/ ٢٤٢ - ٣٤٢
(٢) حاشية الصبان ٢/ ١٩٥، وانظر حاشية الخضري ١/ ٢٢٣، الطراز ٢/ ٧٨ - ٧٩

<<  <  ج: ص:  >  >>