للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغيره أحيانًا، وذلك نحو قولك (ما أحسنه خطيبا) و (ما أحسنه من خطيب) فقولك (خطيبا) يحتمل الحال والتمييز، أما (من) فقد نصبت على التمييز.

وتقول: (كفى به شاعرًا) فهذا يحتمل التمييز والحال، فإذا قلت (من شاعر) تعين انه تمييز، ومعنى الحال الدلالة على الهيئة كما قلنا بخلاف التمييز.

وتقول (ما أشجعه فارسًا وما أجبنه رجلا) أي هو شجاع في هذه الحال، جبان في حال أخرى، فإذا قلت (ما أشجعه من فارس) كان المعنى أنه فارس شجاع.

وتقول (عندي خاتم ذهبا) فهذا يحتمل أن عندك خاتما من الذهب، ويحتمل أن عندك ذهبا مقدار خاتم فإذا قلت (من ذهب) تعين جنس الخاتم.

وتقول (هذا خاتمك ذهبا) فهو يحتمل أن جنسه من ذهب، ويحتمل أن خاتمك الآن هو في حال ذهب، أي غير مصوغ، كما تقول (هذا حطبك رمادا) و (هذا خاتمك قرطا) أي أصبح قرطا، فإن قلت (هذا خاتمك من ذهب تعين أنك تريد الجنس).

جاء في (الأصول): " فأما قولهم: حسبك بزيد رجلا، وأكرم به فارسا، وما أشبه ذلك ثم تقول: حسبك به من رجل وأكرم به من فارس، ولله دره من شاعر، وأنت لا تقول: عشرون من درهم، ولا هو افره منك من عبد، فالفصل بينهما أن الأول كان يلتبس فيه التمييز بحال فأدخلت (من) لتخلصه للتمييز لا ترى انك لو قلت: أكرم به فارسا، وحسبك به خطيبا لجاز أن تعني في هذه الحال؟ وكذلك إذا قلت: كم ضربت رجلا؟ لم يدر السامع أردت: كم مرة ضربت رجلا واحدا، أم كم ضربت من رجل، فدخول (من) قد أزال الشك" (١).

وجاء في (كتاب سيبويه): " هذا باب ما ينتصب انتصاب الاسم بعد المقادير " وذلك قولك ويحه رجلا، ولله دره رجلا، وحسبك به رجلا، وما أشبه ذلك، وإن شئت قلت:


(١) الأصول ١/ ٢٧٣ - ٢٧٤، وانظر ابن يعيش ٢/ ٧٣

<<  <  ج: ص:  >  >>