للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن رفعت كان المعنى (كم قالوا الحق رجلٌ لك) أي كم مرة قال الحق رجلك؟ فالرجل هنا واحد بخلاف النصب والجر، جاء في (المقتضب): " واعلم أن هذا البيت ينشد على ثلاثة أوجه، وهو:

كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري

فإذا قلت: كم عمةٍ، فعلى معنى رب

وإذا قلت: كم عمةً، فعلى الاستفهام

وإذا قلت: كم عمةٌ أوقعت (كم) على الزمان، فقلت: كم يوما عمةٌ، وخالةٌ لك قد حلبت على عشاري، وكم مرة (١)، نحو ذلك.

فإذا قلت: كم عمةٍ فلم تقصد إلى واحدة، وكذلك إذا نصبت، وإن رفعت لم تكن إلا واحدة لأن التمييز يقع واحدة في موضع الجميع، وكذلك ما كان في معنى (رب)، لأنك إذ قلت: رب رجل رأيته لم تعن واحدا، وإذا قلت: كم رجلا عندك فإنما تسأل أعشرون، أم ثلاثون ونحو ذلك.

فإن قلت: كم درهمٌ عندك؟ فإنما تعني: كم دانقا هذا الدرهم الذي أسألك عنه؟ فالدرهم واحد مقصود قصده بعينه، لأنه خبر وليس بتمييز، وكذلك: كم جاءني صاحبك؟ إنما تريد: كم مرة جاءني صاحبك" (٢).

وجاء في (شرح ابن يعيش) في هذا البيت: " فالرفع على أنه مبتدأ، وحسن الابتداء به حيث وصف بالجار والمجرور، وهو (لك)، وقوله: (قد حلبت على عشاري) في موضع الخبر، وتكون (كم) واقعة على الحلبات، فتكون مصدرا، والتقدير كم مرة أو حلبة عمة لك قد حلبت على عشاري، ويجوز أن تكون (كم) واقعة على الظرف، فيكون التقدير كم يوما أو شهرا أو نحوهما من الأزمنة (٣).


(١) انظر سيبويه ١/ ٢٥٩
(٢) المقتضب ٣/ ٥٨ - ٥٩، وانظر الأصول ١/ ٣٨٨
(٣) ابن يعيش ٤/ ١٣٣ - ١٣٤، وانظر المقتضب ٣/ ٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>