قرية أهلكناها وهي ظالمة .. " فهذا موطن تفخيم، كأنه قال: وكم من قرية أية قرية، كما تقول: مررت برجل أي رجل، ووجود (أي) المبهمة يشعر بهذا المعنى، والتفخيم هنا لله الذي أخذ مثل هذه القرى المتجبرة العاتية الظالمة، كما قال:{وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}[محمد: ١٣]، وكما قال:{وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا}[الطلاق: ٨].
وليس السياق في الأعراف على هذا كما هو ظاهر.
ومثله قوله تعالى:{وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في بيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}[آل عمران: ١٤٦]ـ فهذا موطن تفخيم ومواطن تأسيه للرسول والجماعة المؤمنة، لما حصل لهم في معركة أحد، فإن مثل هذا حصل لمن قبلهم من المؤمنين، قال تعالى:{إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين أمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين أمنوا ويمحق الكافرين. ام حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين، ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفأين مات او قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين. وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}[آل عمران: ١٤٠ - ١٤٦].
فهذا موطن تفخيم وتأسية، وهكذا شأن كل ما ورد بكأين، فإن موطه التفخيم زيادة على التكثير.
قال تعالى:{وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون}[يوسف: ١٠٥]، أي وكم من آية تدعو إلى التامل والإيمان يمرون عليها وهم معرضون عنها، وهذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: {ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت