وهذا نظير الصفة والموصوف، فإن الصفة إذا اتبعت لا تدل نصا على أن الصفة، عرف بها الموصوف، وأن المخاطب يعلمها كما يعلمها المتكلم، بل قد يؤتى بها لتوضيح الموصوف، ولولا هي لالتبس بشخص آخر فإن قولك (مررت بمحمد الخياط) قد يكون لفصل محمد هذا من شخص آخر اسمه محمد، وهو غير خياط، فلا يتعين محمد إلا بنعته، وفي مثل هذه الحال لا يجوز القطع، وكذلك اللقب فإنه قد لا يتضح العلم ويتميز من شخص آخر إلا بلقبه وفي هذه الحال لا يصح قطعه.
ثم إن معنى المدح والذم في اللقب التابع قد يأتي من معنى اللقب اللغوي لا من قصد المدح والذم وإيضاح ذلك أنك تقول:(مررت بمحمدٍ الفقيه) إذا أردت تمييز محمد هذا من محمد آخر غير فقيه، فيكون الفقيه نعتا لغرض التوضيح، ولا يجوز قطعه لأنه لا يتعين إلا به، ثم إنك ههنا لم ترم إلى مدح محمد، بل أردت تمييزه، ولكن النعت فيه مدح محمد بطريقة غير مقصودة، وذلك بدلالة النعت اللغوية وهي الفقه، أما إذا قلت مررت بمحمد الفقيه، بالقطع فأنك أردت مدحه بصورة مباشرة بهذه الخصلة وجعلته مشهورا بها، وكذلك اللقب فإن القطع يرمي إلى الإشارة إلى المدح، والذم ويدل أيضا على اشتهاره بهذا اللقب.
ولا يفهم من قولنا هذا أن الأتباع يفيد دائما أن الموصوف غير مشتهر بالصفة، أو أن الصفة تكون دوما للتوضيح والتمييز بين الأشخاص، بل يكون الموصوف مشهورًا بالصفة مع الأتباع، وقد يكون غير معروف به، وللنعت التابع أغراض أخرى غير التوضيح والتمييز بين المذكورين، كالمدح والذم، والتوكيد، وغير ذلك من الأغراض، مما سنوضحه في باب النعت، ولكنا نقول: أن القطع يفيد ذلك نصا بخلاف الأتباع فإنه قد يفيد وقد لا يفيده.
يتبين من هذا:
١ - أن القطع يدل على أن العلم أشتهر باللقب أكثر من الأتباع.
٢ - أن القطع يراد به الإشارة إلى معنى اللقب بصورة مقصودة وأما الأتباع فقد يراد به ذلك وقد يراد به غير ذلك كالتوضيح وغيره فلا يكون المدح هو القصد الأول.