للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن لم يكن مجرورها كذلك، أي لا يفيد تعظيما أو تحقيرًا وجب كونه آخر الاجزاء حسا أو ملاقيًا له (١).، وذلك قولك (قرأت القرآن حتى سورة الناس) فسورة الناس آخر القرآن وهي آخر ما قرأ، و (صمت رمضان حتى يوم الفطر) يوم الفطر ملاق للآخر.

وهي حرف غاية، إلا ان استعمالها في الغاية يختلف عن (إلى) فإن (إلى) أمكن (٢). في الغاية من (حتى) وأعم، وإيضاح ذلك أن (إلى) تستعمل لعموم الغايات، سواء كانت آخر جزء من الشيء أم لا، فتقول: (نمت إلى آخر الليل، ونمت إلى الصباح، ونمت إلى ثلث الليل، ونمت إلى منتصب الليل) وقرأت الكتاب إلى آخره، وقرأته إلى نصفه، وقراته إلى ثلثه).

وأما (حتى) فلا تستعمل إلا لما كان آخرا أو متصلا به، فتقول: (نمت حتى آخر الليل) و (نمت حتى الصباح) لأن آخر الليل هو آخر جزء من الليل، والصباح ملاق لآخره، أي متصل بآخره، ولا يجوز أن تقلو (نمت حتى منتصف الليل) و (نمت حتى ثلثه) لأن منتصف الليل ليس آخر الليل وكذلك ثلثه. فـ (حتى) تستعمل غاية لآخر الأمر، ولفظها يوحي بهذا المعنى، فإن لفظها يبدو أنها من (الحت) ومعنى (الحت) الاستئصال والإزالة والخلوص إلى النهاية، أي الوصول إلى نهاية الأمر، جاء في (لسان العرب) الحت فركك الشيء اليابس عن الثوب ونحوه، يحته حتا فركه وقشره فانحت وتحات .. وفي الحديث أنه قال لامرأة سألته عن الدم يصيب ثوبها فقال: حتيه ولو بضلع، معناه حكيه وأزيليه .. والحت والقشر سواء .. قال شمر: (تركتهم حتا فتا بتا) إذا استأصلتهم .. وحت الله ما له حتا، أذهبه فأفقره على المثل ..

وقال بعضهم: (حتى) (فَعْلَى) من الحتّ وهو الفراغ من الشيء، مثل (شتى) من الشت. قال الأزهري: وليس هذا القول مما يعرج عليه، لأنها لو كانت فعلى من الحت كانت الإمالة جائزة، ولكنها حرف أداة، وليست باسم ولا فعل.


(١) انظر شرح الرضي على الكافية ٢/ ٣٦١
(٢) الهمع ٢/ ٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>