للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحق أنها ليست بمعنى (في) تمامًا، فإن ثمة فرقا بين قولنا (جاءنا على غفلة)، و (جاءنا في غفلة) ألا ترى إنا نقول (هاجمه في وقت العفلة)، ولا نقول (هاجمه على وقت الغفلة) ونقول (دخل المدينة في وقت العصر)، ولا نقول (على وقت العصر)، ولو كانت بمعناها لصح ذلك.

الذي يبدو أن قولنا (هاجمه في غفلة) معناه أنه هاجمه وهو ادخل في الغفلة، وكذلك (جاءه في غفلة) أي جاءه هو داخل في الغفلة، وإنما كان عليها أي لم تحتوه ولم تتضمنه، فقولك (هاجمه على غفلة) معناه أنه انتهز فرصة غفلة عرضت له وهاجمه.

ومثله ما نقوله في الدراجة (جئت على أولها) و (جئت في أولها) و (جئت على أول الصلاة) و (جئت في أولها) فمعنى (جئت في أولها) أنك جئت وهم داخلون في أولها، وأما (جئت على أولها) فالمعنى أنك استعليت على أولها وشاهدته، فالمجيء أسبق.

وتقول (جئت على حين قتل إسماعيل) و (جئت في حين قتل إسماعيل) فمعنى الأول إنك جئت مستعليا على الوقت، وشاهدت الفعلة، ومعنى الثانية إنك جئت وقد دخلت في هذا الوقت، فالمجيء الأول أسبق، وربما لم تشاهد الفعلة في الثانية، ومما يوضح هذا أنك تقول (جئت على سفر محمد) و (جئت في سفر محمد) فمعنى الأولى أنك جئت وهو متهي للسفر فشاهدت سفره، وأما قولك (جئت في سفر محمد) فمعناه أنك جئت وهو مسافر ولم تشاهده.

وتقول: (دخلت الموصل في حين غرق بغداد) أي دخلتها في هذا الوقت، ولم تشاهد غرق بغداد، وأما (جئت على غرق بغداد) فمعناه أنك شاهدته.

فـ (في) تفيد الدخول وعلى تفيد الاستعلاء وليس معناها الدخول

وأما قولهم (كان ذلك على عهد فلان) فالظاهر، أنه يختلف عن قولهم، كان ذلك في عهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>