للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنت ترى أن المعنى يتغير بحسب تقدير الارتباط.

ثم إن التعلق أو الارتباط ليس مختصا بالجار والمجرور والظرف، وإن كان النحاة لا يذكرونه في غيرهما، بل هو جار في كثير من التعبيرات في الجملة العربية، لأنه لابد من ارتباط بين الكلمات أحيانا ليتضح المعنى المقصود.

ومثال تعلق أو الارتباط في غير الظرف والجار والمجرور، قوله تعالى: {وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية} [الرعد: ٢٢]، فـ (سرًا وعلانية) مفعولان مطلقان أو حالان، وهما متعلقان بأنفقوا، لا يرزقناهم لأن المعنى على ذاك يكون رزقناهم سرًا وعلانية، وليس هو المراد، بل المراد أنهم ينفقون سرًا وعلانية.

والنحاة يسمون هذا المتعلق به، عاملا فيقولون أن العامل في سرا وعلانية هو ينفقون.

ونحوه قوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} [النساء: ١٩]، فكرها مفعول مطلق أو حال، وهذا المصدر بـ (ترثوا) لا يآمنوا، لأن المعنى يكون على ذاك (يأيها الذين أمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء) ولا بقوله يحل، لأن المعنى سيكون: لا يحل لك كارهين أن ترثوا النساء: ومقتضى هذا الأمر أنهم إذا لم يكونوا كارهين جاز لهم ذاك. لك لأن كرها سيكون حالا للمجرور وهذا المعنى فاسد.

ونحو أن تقول (ما للذي أساء إلينا نائمًا بيننا؟ ) فلا يصح تعلق نائمًا وهو حال بـ أساء لأن المعنى سيكون أساء نائمًا، أي أساء وهو في حال نومه، وإنما متعلق بمحذوف أي ما حصل له نائمًا؟

ومن ذلك قوله تعالى: {وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن} [يونس: ٦٦]، فشركاء مفعول به، وهو مرتبط بـ (يتبع) أي: مفعول لهذا الفعل أو معمول له، كما يقول النحاة لأن المعنى أنهم لم يتبعوا شركاء في الحقيقة،

<<  <  ج: ص:  >  >>