ونحن نقول: ومن أين لهم أن نحو طور سيناء، ويوم الأحد، وكل الرجال، وجميعهم فيه مدلول اللام الذي يفيد الاختصاص؟
٢ - اقر النحاة أن الإضافة غير المحضة (وهي إضافة اسم الفاعل، والمفعول والصفة المشبهة إلى معمولها) ليست على تقدير حرف، فقولك:(هو حسن الوجه) ليس على تقدير حرف فليس الوجه في مثل هذا " مضافا إليه (حسن) بتقدير حرف الجر، بل هو هو وكذا في ضارب زيد، لأن ضارب وإن كان مضافا إلى زيد، لكنه بنفسه لا بحرف الجر كما كان مضافا إليه من حيث المعنى حيث نصبه أيضا، ولم يحتج في إضافة إليه لا في حال الإضافة ولا قبلها إلى حرف جر (١).
وذلك أن قولك (هو ضارب زيد) و {إنك جامع الناس}[آل عمران: ٩]، مضاف بنفسه، لا بتقدر حرف لأن اسم الفاعل فيهما مأخوذ من متعد، وهو يتعدي بنفسه، فقولك (هو ضارب زيدا) تقديره: هو يضرب زيدا وليس التقدير: هو يضرب لزيد ولذا يقول النحاة في نحوه: (هو ضارب لخالد) إن اللام فيه زائدة مقوية، والأصل (هو ضارب خالد) بإضافة الوصف إلى معموله، وأصل التعبير (هو ضارب خالدا) ومثله {فعال لما يريد}[البروج: ١٦]ـ، فإن اللام فيه زائدة مقوية، والأصل: فعال ما يريد، فكيف ينقلب الزائد اصلا؟ فالتقدير يختص بالمحضة عندهم.
٣ - ونحن نقول: إنه لا فرق بين المحضة وغيرها، فقد يمتنع التقدير في المحضة أيضا مما له شبه بغير المحضة من وجه وذلك نحو (إطعام مسكين) وكقوله: {كطي السجل للكتاب}[الأنبياء: ١٠٤]، وقوله:{وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة}[الأنبياء: ٧٣]، وقوله:{ولله على الناس حج البيت}[آل عمران: ٩٧]، فهذه كلها إضافة محضة، لأن إضافة المصدر عندهم محضة، وهي ليست على تقدير حرف كما هو ظاهر، وذلك أن المصدر في هذه الأمثلة متعد، وقد أضيف إلى مفعوله، وهو يتعدى إليه في الأصل بلا تقدير حرف، كما في (ضارب خالد).