وكذلك قولنا (هو أكبر القوم) و (أفضل الطلاب) فإن تقدير (من) فيه أولى من اللام، أي أكبر من القوم وأفضل من الطلاب.
فدل على ضعف المعنى في تقديرهم أحيانا.
٦ - أن المعنى يتغير عند التقدير، فتصبح المعرفة نكرة، فلو قدرت (هذه دار محمد) باللام كان التقدير (هذه دار لمحمد) والأولى معرفة، والثانية نكرة، ونحو ذلك قوله تعالى:{يآدم أنبئهم بأسمائهم}[البقرة: ٣٣]، فهو لا يساوي (بأسماء لهم) ومثله قوله تعالى: {لا تكلف إلا نفسك}[النساء: ٨٤]، فهو لا يساوي (إلا نفسًا لك) إذ يقتضي أن له أكثر من نفس، وقوله:{يؤذن رسول الله}[التوبة: ٦١]، فهو لا يساوي (رسولا لله) وقوله {فاليوم ننجيك ببدنك}[يونس: ٩٢]، لا يساوي (ببدن لك) إذ يقتضي أن له أكثر من بدن، وقوله:{وأقسموا بالله جهد أيمانهم}[الأنعام: ١٠٩]، لا يساوي (جهدا لأيمانهم) وليس له معنى.
وقد أدرك النحاة ذلك، فقد ذهب أبو حيان تبعًا لابن درستويه، كما أسلفنا، إلى أن الإضافة ليست على تقدير حرف أصلا، وإلا لزم أن غلام زيد يساوي (غلام لزيد) وليس كذلك، فإن معنى المعرفة غير النكرة.
وأجيب بأن قولنا غلام لزيد ليس تفسيرا مطابقا من كل وجه، بل لبيان الملك أو الاختصاص فقط (١).
ورد النحاة عليه ليس متينا، فإنهم إن قدروا حرفا تغير المعنى واستحالت المعرفة إلى نكرة، فالأولى عدم التقدير للخلاص من هذا الأمر، جاء في (المقتضب): " وأما الأسماء المضافة إلى الأسماء بأنفسها فتدخل على معنى اللام، وذلك قولك: المال لزيد كقولك: مال زيد، وكما تقول: هذا أخ لزيد، وجار لزيد، وصاحب لزيد، فهذا بمنزلة قوله: جاره وصاحبه.