للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى حدث بعكس القسم الأول، والمعنى في الآية أن ابنك يا نوح تحول إلى عمل غير صالح ولم يبق فيه شيء من عنصر الذات.

وهذا التحويل والتجوز لا يؤديه التقدير، فإنك إذا قدرت كما قدر النحاة (إنه ذو عمل غير صالح) أو (ذا البر من آمن) لم يبق فيه شيء من هذا المعنى، فلا داعي لتقدير مضاف أو نحوه، فإن لكل تعبير دلالته ومعناه.

وهذا الباب قوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم} [البقرة: ٩٣]، أي حب العجل (١). لأن العجل لا يشرب في القلوب.

وهو نظير ما مر من إرادة التجوز، والمعنى أن قلوبهم كانما أشربت عجل الذهب حقيقة فكان في تكوينها وتركيبها، ولا يؤدي هذا المعنى تقدير كلمة (حب).

ومنه قولهم (بنو فلان يطؤهم الطريق) وهو مجاز عقلي، والمعنى يطؤهم أهل الطريق ولكنه أسند الوطء إلى الطريق تجوزرا.

جاء في (الكتاب): ومما جاء على اتساع الكلام والاختصار قوله تعالى: {وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي اقبلنا فيها} [يوسف: ٨٢]، إنما يريد أهل القرية فاختصر وعمل الفعل في القرية ..

ومثل ذلك من كلامهم: بنو فلان يطؤهم الطريق، وإنما يطؤهم أهل الطريق (٢).

فهذا في الحقيقة تعبير مجازي، يؤدي معنى لا يؤديه المقدر، ولذا نحن لا نرى في هذا تقديرا لأنه يفسد الغرض الفني الذي صيغ من أجله.

٢ - الحذف للاختصار، وذلك إذا دل عليه المعنى نحو قولهم: " هذه الظهر أو العصر أو المغرب، إنما يريد صلاة هذا الوقت، واجتمع القيظ يريد اجتمع الناس في القيظ، وقال الحطيئة:


(١) شرح ابن عقيل ٢/ ١٧
(٢) كتاب سيبويه ١/ ١٠٨ - ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>