للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لهم ومتصور في نفوسهم قوله:

ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل ... وضنت علينا والضنين من البخل

أي كأنه مخلوق من البخل لكثره ما يأتي به منه، ومنه قول الآخر:

وهن من الإخلاف والولعان

وأصل هذا الباب عندي قول الله عز وجل: {خلق الإنسان من عجل}.

وقولك (رجل دنف) أقوى معنى لما ذكرناه، كأنه مخلوق من ذلك الفعل، وهذا معنى لا تجده ولا تتمكن منه مع الصفة الصريحة (١).

وقال: (فهذا كقولك: هو مجبول من الكرم، ومطين من الخير، وهي مخلوقة من البخل .. ، وأقوى التأويلين في قولها: (فإنما هي إقبال وأدبار) أن يكون من هذا أي كأنها مخلوقة من الإقبال والإدبار، لا على أن يكون من باب حذف المضاف، أي ذات إقبال وذات إدبا، ويكفيك من هذا كله قول الله عز وجل: {خلق الإنسان من عجل}، [الأنبياء: ٣٧]، وذلك لكثرة فعله إياه واعتياده له" (٢).

وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {وجاءو على قميصه بدم كذب} [يوسف: ١٨]، " ذي كذب، أو وصف بالمصدر مبالغة، كأنه نفس الكذب وعينه، كما يقال للكذاب: هو الكذب بعينه والزور بذاته ونحوه:

فهن به جود وأنتم به بخل (٣).

وجاء فيه في قوله تعالى: {وقولوا للناس حسنا} [البقرة: ٨٣]، : " حسنا قولا هو حسن في نفسه لافراط حسنه" (٤).


(١) الخصائص ٣/ ٢٥٩ - ٢٦٠، وانظر ٣/ ١٨٩
(٢) الخصائص ٢/ ٢٠٣
(٣) الكشاف ٢/ ١٢٧
(٤) الكشاف ١/ ٢٥٠، وانظر الكشاف ٢/ ١٠١، قوله تعالى: {إنه عمل غير صالح} ١/ ٢٧٠، قوله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم}.

<<  <  ج: ص:  >  >>