للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم أنه يقطع مع المرفوع إلى النصب، ومع المنصوب إلى الرفع، ومع المجرور إلى الرفع، أو النصب، فتقول: (مررت بخالد العظيم، أو العظيم) ويبدو أن القطع إلى الرفع أثبت وأشهر، وذلك لأنه في النصب بتقدير جملة فعلية، نحو: (أعني العظيم أو أمدح) وفي الرفع بتقدير اسم أي (هو العظيم) والاسم أثبت وأقوى وأدوم من الفعل كما مر في قوله تعالى: {قالوا سلاما قال سلام} [هود: ٦٩].

فقولك (مررت بمحمد العظيم) بالاتباع قد يراد منه تمييزه من غيره الذي هو حقير أو يراد مدحه بهذه الصفة.

وقولك (مررت بمحمد العظيم) بالنصب، تريد تنبيه السامع على هذه الصفة كما تعني أن محمدا مشهور بهذه الصفة معلوم بها للمخاطب يعلمه كل أحد.

وقولك (مررت بمحمد العظيم) بالرفع يدل على أن محمدًا معلوم أتصافه بهذه الصفة مشهور بها، غير أن اتصافه بهذه الصفة واستقرارها ورسوخها فيه وتمكنها منه أكثر وأشد مما قبلها.

وورد القطع في العطف أيضا للدلالة على أهمية المقطوع من بين المعطوفات، جاء في الكشاف، في قوله تعالى: {والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء} [البقرة: ١٧٧]، وأخرج الصابرين منصوبا على الاختصاص والمدح إظهار لفضل الصبر في الشدائد، ومواطن القتال على سائر الأعمال (١).

وجاء في شرح شذور الذهب، في قوله تعالى: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليه وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة} [النساء: ١٦٢]، إن المقيمين نصب على المدح، وتقديره وامدح المقيمين، وهو قول سيبويه والمحققين وإنما قطعت هذه الصفة عن بقية الصفات لبيان فضل الصلاة على غيرها (٢).


(١) الكشاف ١/ ٢٥٢
(٢) شرح شذور الذهب ٥٤، وانظر الكشاف ١/ ٤٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>