للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذهب النحاة إلى أن نحو (رأيتك إياك) و (رأيته إياه وفعلت أنت) بدل (١). ولا شك أنه يفيد التوكيد، وقد ذهب آخرون إلى أنه توكيد لا بدل (٢).

وذكر بعض النحاة أن التأكيد متأت أيضا من أن البدل على نية تكرار العامل، فإن قولك (جاء أخوك خالد) معناه جاء أخوك، جاء خالد، فكأنك كررت (جاء) مرتين، ومن هنا جاء التأكيد. فالتأكيد حاصل في المجيء.

قال ابن الناظم: أعلم أن الغرض من الإبدال أن يذكر الإسم مقصودا بالنسبة كالفاعلية والمفعولية والإضافة بعد التوطئة، لذكره بالتصريح بتلك النسبة، لإفادة توكيد الحكم، وتقريره لأن الإبدال في قوة إعادة الجملة، ولذلك تسمع النحويين يقولون: البدل في حكم تكرار العامل (٣).

وجاء في الإتقان: والقصد به الإيضاح بعد الإبهام، وفائدته البيان والتأكيد، أما الأول فواضح أنك إذا قلت: (رأيت زيدا أخاك) بينت أنك تريد بزيد الأخ لا غير، وأما التأكيد فلأن على نية تكرار العامل فكأنه من جملتين ولأنه دل على ما دل عليه الأول (٤).

والذي يبدو لي أن ليس ثمة توكيد في الحكم، وأن العامل غير مكرر، وإنما قد يحصل التوكيد من إجتماع البدل والمبدل منه، كأن يكون البدل دالا على الإحاطة والشمول فيفيد معنى الجميع، أو كأن يكون الإسمان يطلقان على ذات واحدة، فيفيد إجتماعهما فضل توكيد، قوله تعالى: {وقال موسى لأخيه هارون} [البقرة: ٨٧]، فعيسى هو ابن مريم.


(١) كتاب سيبويه ١/ ٣٩٣، شرح ابن يعيش ٣/ ٦٩
(٢) شرح الرضي ١/ ٣٧٣
(٣) شرح ابن الناظم ٢٢٦
(٤) الاتقان ٢/ ٧٠

<<  <  ج: ص:  >  >>