٤ - البدل المغاير: وهو بدل الغلط والإضراب والنسيان: فبدل الغلط نحو قولك (أقبل محمدٌ خالدٌ) فإنك عندما قلت (أقبل محمد) تبني لك أنك غلطت بذكر (محمد) وإنما أردت (خالدا) فجئت بكلمة (خالد) صححت بها غلطك فهي بدل الغلط أي جئت بها مكان الغلط لا أنها غلط.
وأما الاضراب فيكون إذا ذكرت شيئا، ثم بدا لك أن تضرب عنه، بذكر آخر بدله كأن تقول:(سأذهب إلى المقهى الكلية) فحين ذكرت أنك سيذهب إلى المقهي بدا لك أن تترك ذهابك إليها وأن تذهب إلى الكلية بدلها. قال تعالى:{ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون}[النحل: ٧٣]، فأخبر أولا أنهم لا يملكون رزقا، ثم أضرب عن ذلك، فقال: بل لا يملكون شيئا، والذي عليه النحاة أن (شيئا) مفعول به لـ (رزقا) وكل صواب فيما أرى.
وأما بدل النسيان فيكون بأن تنسى فتذكر أمرا على غير حقيقته ثم تتذكر الأمر المنسي فتذكره بدل الأول كأن تقول:(زارني سعدٌ إبراهيم) فإن الذي زارك هو إبراهيم لا سعد، ولكنك نسيت فذكرت سعدا، ثم تذكرت الشخص الذي زارك وهو إبراهيم.
جاء في الكتاب: هذا باب المبدل من المبدل منه، والمبدل يشرك المبدل منه في الجر وذلك قولك:(مررت برجل حمار) فهو على وجه محال وعلى وجه حسن.
فأما المحال فأن تعني أن الرجل حمار، وأما الذي يحسن، فهو أن تقول (مررت برجل) ثم تبدل الحمار مكان الرجل، فتقول (حمار) أما أن تكون غلطت أو نسيت فأستدركت، وأما أن يبدو لك أن تضرب عن مرورك بالرجل وتجعل مكانه مرورك بالحمار، بعد ما كنت أردت غير ذلك، ومثل ذلك قولك:(لا بل حمار)، ومن ذلك قولك:(مررت برجل بل حمار) وهو على تفسير (مررت برجل حمار)، ومن ذلك (ما مررت برجل بل حمار) وما مررت برجل ولكن حمار أبدلت الآخر من الأول، وجعلته مكانه" (١).